الرئيسية   من يمسك زمام أمورنا؟؟

من يمسك زمام أمورنا؟؟

 

من يمسك زمام أمورنا؟؟

الاعتماد على الآخرين يختلف عن الاتكال عليهم، فالاعتماد يعني الثقة والتعاون وتفويض الصلاحيات، ويوحي بوجود روح الفريق، أما الاتكال فهو الأنماط والعادات السلوكية التي تثبط جهودنا الهادفة لبناء علاقات سوية بين المرء ونفسه، وبينه وبين الآخرين، سواء في محيط الأسرة والصداقة أو في بيئة العمل.

وليست الاتكالية أو العلاقات غير المتوازنة بين الناس وقفاً على الأفراد، فقد تمتد لتشمل الأسرة بأكملها ومجموعات العمل الصغيرة والشركات الكبرى العملاقة، بل إنها قد تصيب بعض الدول والشعوب، أي أنها تصيب الأشخاص والمنظمات على حد سواء، وبالتالي فإن النظم المغلقة والبدائية لا تصاب بعاهة الاتكالية، لأن النظام المغلق لا يتأثر بالبيئة المحيطة ولا بالمتغيرات والمعلومات.

ويقوم النظام الاتكالي على أنماط إدارية وعادات سلوكية تحرم أجزاءه من بناء علاقات سوية ومتوازنة ومنتجة، فهل تعلم مثلاً أن ثلاثة أرباع الاستقالات والإقالات في أي مؤسسة تعود لأسباب شخصية ليس لها علاقة بالكفاءة والمهارة؟؟

بعض هذه الأسباب يتعلق بذاتك كمدير، وبعضها الآخر يتعلق بغيرك من الموظفين والزملاء، أي أنها أسباب قابعة في داخل المؤسسة لا خارجها.

أما العلاقات السوية ( غير الاتكالية ) فلها سماتها الخاصة، وفي هذه العلاقات يحس كل فرد بذاته، ويثري كل شخص العلاقة الجماعية بخصائص فردية ايجابية معززة باحترام الذات والقدرة، والرغبة في تحمل جزء من المسؤولية، ولنا في ذلك شاهد وهو فريق التسويق في المؤسسة العربية للإعلان الذي تم بناءه وتعزيزه بقدرات أفراده الذين تنامت قدراتهم وخبراتهم نتيجة جهودهم في النشاطات التي أقامتها المؤسسة.

ولننظر مثلاً إلى قائد السيارة..ما هو دوره في حياتنا؟؟ سواء جاء هذا السائق ليقود سيارة الأسرة أو سيارة الشركة أو المؤسسة؟؟ وسواء كان هذا السائق أنا أو أنت أو شخص ثالث، فنحن نسلمه المقود، أي نسلمه زمام الأمور، فإذا كانت منزلة السائق كبيرة في حياتنا، فما هي منزلة شريك حياتك ( الزوج أو الزوجة ) أو مدير أو أي مسؤول في المؤسسة وغيرهم..أليس هؤلاء هم من يقودوننا إلى المستقبل أو إلى المجهول؟؟

ما الذي نأتي به إلى العمل؟؟

أنفسنا بالطبع، لكن هل يتضمن ذلك ما هو متعلق بالعمل فقط؟؟

الإجابة هي، لا، لأننا نأتي إلى العمل بكل نقاط القوة التي طورناها في الماضي، وهذه تشمل التعليم والخبرة والمهارات الفنية، أضف إلى ذلك نقاط القوة التي تكون ملاءمة للوظيفة أو لا تكون، فمثلا قد تفسح لك قدرتك الرياضية مجالاً في فريق المؤسسة الرياضي، كما أن التغيير في الوظيفة أو التغيير التنظيمي قد يجعل معرفتك للغة أجنبية، أو أي مهارة أخرى أمراً بالغ الأهمية.

ومع نقاط القوة تلك، نأتي إلى العمل بنقاط ضعفنا أيضاً، وهي مثل نقاط القوة، قد تتفاوت في أهميتها، فوجود ضعف في مهارات العمل يتطلب تدريباً إضافياً يتوازن مع بعض القدرات الاستثنائية في وجه آخر من أوجه الوظيفة، في حين أن الاقتصار على المهارات الرياضية للانضمام إلى فريق المؤسسة قد لا يكون ذو وزن أبداً.

إضافة إلى نقاط القوة والضعف، فإننا نحضر معنا إلى مكان العمل عاداتنا وأنماطنا السلوكية، فلا يوجد في واقع الأمر وظيفة منفصلة كلياً عن أي اتصال إنساني بالزملاء أو العملاء، فأغلب الموظفين الذين يفصلون من عملهم يكون السبب في ذلك عجزهم عن التواصل مع الآخرين من الزملاء أو المدراء أو المرؤوسين وحتى العملاء، أي لأسباب لا ترجع إلى عيوب في مهاراتهم الفنية، و بالطبع نحن لا نستطيع إلغاء عاداتنا المتعلقة بعلاقاتنا مع الآخرين، لدرجة أننا أصبحنا نمارس أو نؤدي هذه العادات دون تفكير.

وهناك شيء آخر نحضره معنا إلى بيئة العمل، و هو توقعاتنا وآمالنا ومخاوفنا، لأن الذين لا يحضرون معهم توقعاتهم وطموحاتهم، يحضرون معهم في الواقع مخاوفهم وتراجعهم واتكاليتهم.

كيف تنظر إلى نفسك؟؟ و هل تعي وقع تصرفاتك على زملائك من العاملين وعلى أصدقائك وأفراد عائلتك؟؟

هل أنت راض عن علاقاتك مع زملائك وعملائك وغيرهم من الأفراد ذوي الأهمية في حياتك؟؟

إن فهمك لذاتك وللآخرين وإدراكك للمشاكل التي قد تتسبب أنت فيها، هي عوامل في غاية الأهمية لنجاحك على المستويين الشخصي والمهني، وتلك حقيقة واقعة مهما كان موقعنا الوظيفي.

إن الكثير من نواحي سلوكنا وتصرفاتنا ترجع إلى ما نطلق عليه العادات، ولكن ما هي تلك العادات؟؟ ومن أين تنبع؟؟ وهل كل العادات سيئة بالضرورة؟؟

العادات ببساطة هي أنماط من التفكير والمشاعر والتصرفات، وليست كل العادات سيئة بالضرورة، فالعديد منها يلعب دوراً هاماً في تمكيننا من أداء وظائفنا في مختلف أوجه حياتنا اليومية بسهولة ويسر.

كما أن هناك عادات أكثر تعقيداً، وهي التي نتعلمها من خلال عمليتين تحدثان معاً، وهما التعزيز والمحاكاة، فمن المعروف أننا نتلقى المديح والثناء إذا قمنا بشيء مرغوب، ونتلقى العقاب والتأنيب إذا نتج عن سلوكنا أمر سيء، ذلك هو التعزيز.

أما المحاكاة فهي ملاحظة سلوك وتصرفات الآخرين لنقوم بتقليدها، وذلك يحدث في مراحل مبكرة، حيث نقوم بتقليد آباءنا وزملاءنا ومرؤوسينا.

للعادات خصائصها ووظائفها ودورة حياتها المميزة، فكل ما نقوم به بشكل متكرر يتحول إلى عادة، وحوالي 90% من سلوكنا وما نقوم به ينتج عن عادة وليس اختيار، كما أن العادات كائنات حية، فهي تكافح الموت بضراوة لتبقى على قيد الحياة، والعادات متداخلة فيما بينها، فكل عادة تؤدي إلى أخرى..وهكذا.

والعادات مثل النظارات المكبرة، بل هي نظارات نرتديها  طوال الوقت، نقيم واقعنا من خلالها، ثم نتصرف انطلاقاً من رؤيتنا، وهي بذلك تشبه البوصلة التي نحدد بها ما هو صواب وما هو خطأ، وبها نميز ما هو طبيعي وما هو أخلاقي، وبعد هذا التمييز تتحدد استجاباتنا وأفعالنا وردود أفعالنا، وحين ننشأ وننمو في محيط الأسرة، يتطور سلوكنا معنا، لنكون أبناء أسوياء، يمتلكون خبرات أساسية للنجاح، وغياب هذه الخبرات بالذات هو الذي ينحرف بسائق السيارة ( الإنسان ) عن الطريق الصحيح، فعلى سبيل المثال : غياب القدرة على توقع الأفضل، يؤدي إلى إساءة الظن بالآخرين، والخوف من المستقبل، وعدم الانتماء للأسرة أو لفريق العمل، ومن ثم الإحساس بالاغتراب، فغياب الإحساس بالتقدير والثقة، يؤدي إلى الإحساس بعدم الكفاءة والتقصير، ومن ثم الإحساس بالذنب ، لأن الإنسان يرتقي دوماً إلى مستوى التوقعات، وغياب اللمسة الحانية، والالتزام المتبادل يؤدي إلى الإحساس بالدونية والرفض وفقدان الاحترام للذات، وغياب التسامح والمرونة والقدرة على التفاوض، يؤدي إلى الاعتماد على العنف كوسيلة لحل الخلافات، وقد يحول المرء إلى جان أو ضحية، في حين أن غياب الإحساس بالأمان والرغبة في اللعب والعمل، يؤدي إلى الجدية المفرطة والانكباب على العمل، وغياب روح المرح والدعابة.

فمن هم الذين يقودون سيارتك؟؟

هناك خمسة أنماط رئيسية يجب الحذر منها، هذه الأنماط ستؤدي بالضرورة إلى اصطدام السيارة أو انحرافها على أقل تقدير، وتزداد خطورة كل نمط من هذه الأنماط إذا تكرر هو أو غيره في الطرف المقابل من العلاقة الاتكالية، سواء أكان أحد الطرفين شخصاً آخر أو المؤسسة نفسها أو جزء من روتينها ونظامها الإداري وهي :

أولاً : المهتمون:

وهؤلاء يكرسون حياتهم للعناية بالآخرين، إذ ينتابهم شعور غامر بالإنجاز عندما يؤدون خدماتهم لغيرهم، وهم دائماً يبحثون عن أناس بحاجة إلى مساعدة وعناية، فإن لم يجدوا من يقدمون له الخدمات و العون، يعملون على إيجاده بشتى الطرق، إنهم يعتبرون الآخرين أطفالاً بحاجة إلى الرعاية ، ليشبعوا حاجتهم نحو تقدير الذات، ومع أن هذا النمط يبدو مفيداً في الظاهر، إلا انه قد يدفع إلى بعض المشاكل، فالأطفال باعتمادهم الشديد على الأبوين يتعلمون عدم تحمل المسؤولية، ومن ناحية أخرى فإن هؤلاء المهتمين قد يجدون أنفسهم مثقلين بحاجات أطفالهم، وهم عادة ما يشكون قائلين لا يوجد شخص واحد مسؤول صادفته في حياتي.

ثانياً : الموافقون:

وهم من تعلموا عدم إغضاب الآخرين بأي صورة، وهدفهم الرئيسي هو اكتساب محبة وصداقة كل الناس، والواقع أن تخلي هؤلاء عن عملهم أقل أهمية في نظرهم من خشيتهم أن يقولوا لا، و مهمة هذا النمط لا تنحصر في إسعاد الآخرين، فهم دائماً متعاونون، ولكنهم دائماً ما يعدون بأكثر مما يمكنهم فعله، وهم من خلال سيرهم في هذا الطريق يكذبون أحياناً، لذا فإن عدم الأمانة تصبح أسلوبهم ، فان سال سائل احدهم ( كيف مضى يومك ) فان الإجابة لا تتغير "كان يوماًجميلاً" مهما كان ذلك اليوم، وعندما يسألون عن أي اختيار، فسوف يقولون أن ما تفضله أنت يلائمني، وذلك بغض النظر عن تفضيلاتهم الشخصية، والحق أن هذا النمط السلوكي عادة ما يقود صاحبه إلى علاقات قابلة للانفجار، كما أنه قد يساء استغلالهم، و من خلال باعي الطويل مع العمل : أقول أن هؤلاء الذين يتخلون عن سلطتهم عادة ما يجذبون نحوهم أولئك الذين يرغبون في الاستئثار بتلك السلطة لاستغلالها في تحقيق مآربهم.

 

ثالثاً : الشهداء:

الشهداء والضحايا يتشاءمون دائماً، يراودهم دوماً شعور بأن الرياح آتية لا محالة بما لا تشتهي السفن، إنهم موقنون بأن الزمن لا يداوي الجراح، بل يجعلها تتفاقم.

ويدرك الشهداء أن الحياة مسؤولية خطيرة، لذا لن يكون لها معنى ما لم تكن مفعمة بالكفاح والمعاناة، ونتيجة لذلك فإن الشهداء يخشون النجاح ويتخوفون من السعادة، فإن مضى زورق حياتهم بيسر تجدهم يخلقون له أمواجاً جديدة، و هم مسلحون دوماً بالقلق والذنب، فالقلق يؤكد على أن اليوم لن يمر على ما يرام، أما الذنب فيرخي على حياتهم ستاراً دائماً من التأنيب.

والشهيد بدلاً من أن يهنئ أحدهم على ترقية، فإنه يبادر بالتأكيد على متطلبات المركز الجديد، وكذلك على التضحيات الأسرية التي يحتاجها، و هم عادة ما يسببون الألم للآخرين، وحجتهم في ذلك أن ذلك الألم ما هو إلا قدر محتوم لا مفر منه.

رابعاً : الكماليون:

وهم يحتاجون إلى الإحساس الدائم بالنشاط والانشغال طيلة الوقت، وهم يشعرون بالرضا دوماً، وعلى كاهلهم تقع رغبة عارمة في المزيد والأفضل، وما يضعه هؤلاء كمعايير لجودة الأداء وتميز الخدمات والمنتجات يفوق كل الحدود المعقولة، و يبحثون عن الكمال ويريدون فقط أن تكون الأمور جيدة بالقدر الكافي، ولكن القدر الكافي يعني لهم الكمال، لأن تقديرهم لذاتهم يتماشى مع ذلك الكمال، وهم عادة ما يطبقون معاييرهم المستحيلة على الناس والأشياء المحيطة بهم، وبالتالي هم يتوقعون الأفضل دوماً من أنفسهم ومن الآخرين، لقد طوروا مهاراتهم لتحقيق الكمال، حتى أصبح الكمال يهيمن على حياتهم، وهم نادراً ما يحافظون على علاقات جيدة مع الآخرين بسبب توقعاتهم المستحيلة.

خامساً : الخائفون من الالتزام:

وهذه الفئة تضم أولئك الذين يرعبهم الالتزام، لذلك هم دائماً يحاولون الفكاك منه، فهم لا يقدمون إجابات مباشرة وواضحة عندما تتأزم الأمور، خبراء بالنوم عند الأبواب الخلفية، و عادة ما يتنقلون بين الوظائف، ولكنهم لا يسعون إلى التغيير رغبة في اكتساب مهارات ومعارف جديدة، بل يهربون من العلاقات والمسؤولية، فالبقاء في نفس الوظيفة يعرضهم لمخاطر أن يكتشف الآخرون أمرهم، وعندما يقوم المدير بتكليفهم بالمسؤوليات، يبدؤون بالتراجع، وتبدو أعذارهم منطقية ولكنها بالنهاية لا تصمد، وهم خبراء في أنصاف الحقائق، أو في وضع الحقائق في أقنعة، وبالتالي يتعين عليهم الثبات و أن يعتدوا بأنفسهم ليدركوا بأن الالتزام يجلب لهم الرضا.

 

                                                                                أيمن الرفاعي



عدد المشاهدات: 2124

من يمسك زمام أمورنا؟؟

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-04-30

توزيع جوائز

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-01-28

تأثيرات العولمة

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-04-16

المسابقات والهدايا الدعائية

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-01-10



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى