الرئيسية   الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري

الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري

الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري

 

ولد الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في مدينة النجف العراقية عام 1899م والنجف كانت مركز ديني وأدبي وفيها أسواق للشعر تتمثل في محافلها ومجالسها وكان والده عبد الحسين عالماً من علماء النجف وأراد لابنه الذي بدت عليه ميزات الذكاء والمقدرة على الحفظ أن يكون عالماً لذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة من عمره.

انحدر الشاعر من أسرة نجفية محافظة عريقه في العلم والأدب والشعر تعرف بآل الجواهر نسبة إلى أحد أجداد الأسرة والذي يدعى الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر والذي ألف كتاباً في الفقه باسم (جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام) وكان لهذه الأسرة كما لباقي الأسر الكبيرة في النجف مجالس عامرة بالأدب والأدباء يرتاده كبار الشخصيات الأدبية والعلمية.

قرأ محمد مهدي الجواهري القرآن الكريم في هذه السن المبكرة سن العشر سنوات وتم له ذلك بين أقرباء والده وأصدقائه ثم أرسله والده إلى مدرسين كبار ليعلموه الكتابة والقراءة فأخذ عن شيوخه النحو والصرف والبلاغة والفقه وما إلى ذلك مما هو معروف في منهج الدراسة آنذاك وخطط له والده وآخرون أن يحفظ في كل يوم خطبة من نهج البلاغة وقصيدة من ديوان المتنبي ليبدأ الفتى الشاب بالحفظ طوال نهاره منتظراً ساعة الامتحان بفارغ الصبر وبعد أن ينجح بالامتحان يسمح له بالخروج فيشعر أنه خلق من جديد، وفي المساء يصاحب والده إلى مجالس الكبار.

أظهر ميلاً منذ طفولته إلى الأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر ونظم الشعر في سن مبكرة وتأثر ببيئته وأطلق مواهبه الكامنة في أشعاره، وكان قوي الذاكرة سريع الحفظ ويروى أنه في إحدى المرات وضعت أمامه ليرة ذهبية وطلب منه أن يبرهن على مقدرته في الحفظ وتكون الليرة له، فغاب الفتى ثماني ساعات وحفظ قصيدة من /450/ بيتاً واسمعها للحاضرين وقبض الليرة.

كان والده يريده عالماً وليس شاعراً لكن ميله للشعر غلب عليه، وفي سنة 1917 توفي والده وبعد أن أمضى أيام الحزن عليه عاد الشاب إلى دروسه وأضاف إليها درس البيان والمنطق والفلسفة وقرأ كل شعر جديد سواء كان عربياً أم مترجماً عن الغرب.

اشترك في ثورة العشرين عام 1920م ضد السلطات البريطانية ، ثم اشتغل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما توج ملكاً على العراق ، ثم ترك العمل في البلاط الفيصلي وراح يعمل في الصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة (الفرات) و (الانقلاب) ثم جريدة (الرأي العام) وانتخب عدة مرات رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين.

لم يبق من شعره الأول شيء يذكر وأول قصيدة نشرت له عام 1921م وأخذ يوالي النشر بعدها في مختلف الجرائد والمجلات العراقية والعربية.

نشر أول مجموعة له باسم (حلبة الأدب) عارض فيها عدداً من الشعراء القدامى والمعاصرين.

ترك النجف عام 1927م ليعين مدرساً في المدارس الثانوية ولكنه فوجئ بتعيينه معلماً على الملاك الابتدائي في الكاظمية، وأصدر في عام 1928م ديواناً أسماه ((بين الشعور والعاطفة)) نشر فيه ما استجد من شعره وفي عام 1935م أصدر ديوانه الثاني باسم (ديوان الجواهري) وفي أواخر عام 1936م عارض الانقلاب الذي قاده بكر صدقي في العراق حيث شعر أن الانقلاب انحرف عن أهدافه التي أعلن عنها فبدأ يعارض سياسة الحكم فحكم عليه حينها بالسجن ثلاثة أشهر وبإيقاف جريدته عن الصدور كان اسمها (الانقلاب) وبعد سقوط الانقلاب غير اسمها إلى جريدة الرأي العام ..... بسبب ما كان يكتب فيها من مقالات ناقدة للسياسات المتعاقبة، شارك في مهرجان أبي العلاء المعرس في دمشق وأصدر في عامي 1949و1950 الجزء الأول والثاني من ديوانه في طبعة جديدة ضم فيها قصائده التي نظمها في الأربعينات والتي برز فيها شاعراً كبيراً وشارك في عام 1950 في المؤتمر الثقافي للجامعة العربية في الاسكندرية وانتخب رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين ونقيباً للصحفيين وواجه مضايقات عدة فغادر العراق عام 1961م إلى لبنان ومن هناك استقر قي براغ ضيفاً على اتحاد الأدباء التشيكوسلوفاكيين.

أقام في براغ 7 سنوات وصدر له فيها عام 1965 ديوان جديد سماه (بريد الغربة) عاد إلى العراق عام 1968م وفي عام 1969م صدر له ديوان في بغداد بعنوان (بريد العودة).

في عام 1971م أصدرت له وزارة الإعلام ديوان (أيها الأرق) وفي نفس العام أصدرت له وزارة الإعلام ديوان (خلجات)، فتحت بلدان عديدة أبوابها للجواهري مثل مصر والمغرب والأردن ولكنه اختار دمشق واستقر فيها ونزل في ضيافة الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي بسط رعايته لكل الشعراء والأدباء والكتاب وكرمه الرئيس حافظ الأسد بمنحه أعلى وسام في البلاد وعن قصيدة (دمشق جبهة المجد) التي تعد ذروة من الذرا الشعرية العالمية ومن رد الجميل من الجواهري للرئيس حافظ الأسد هذه الأبيات:

سلاماً أيها الأسد

سلمت وتسلم البلد

وتسلم أمة فخرت

بأنك فخر من تلد

 

 

توفي الجواهري الذي كان يتصف بالصدق في التعبير والقوة في البيان والإحساس في عام 1997م وسار في جنازته موكب مهيب من كبار الأدباء والشعراء في العالم العربي ونختم ببعض أبيات شعره عن مديح دمشق ومديح للرئيس حافظ الأسد:

 

شَمَمْتُ تُرْبَكِ لا زُلْفى ولا مَلَقا

 

 

وسِرْتُ قَصْدَكِ لا خِبّاً، ولا مَذِقا

وما وَجَدْتُ إلى لُقْياكِ مُنْعَطَفاً

 

 

إلاّ إليكِ،ولا أَلْفَيْتُ مُفْتَرَقا

كنتِ الطَّريقَ إلى هاوٍ تُنازِعُهُ

 

 

نفسٌ تَسُدُّ عليهِ دونَها الطُّرُقا

  • دِمَشْقُ) و(بَغْدادٌ) فقلتُ هما

 

 

فَجْرٌ على الغَدِ مِن أَمْسَيْهِما انْبَثَقا

مَن قالَ أنْ ليسَ مِن معْنىً للفْظَتِها

 

 

بلا دِمَشْقَ وبَغدادٍ فقد صَدَقا

يا جِلَّقَ الشَّامِ والأَعْوامُ تَجْمَعُ لي

 

 

سَبْعاً وسَبْعينَ ما الْتاما ولا افْتَرَقا

إذْ تُسْقِطُ (الهامَةُ) الإصْباحُ يُرْقِصُنا

 

 

و(قاسيُونُ) علينا يَنْشُرُ الشَّفَقا

إذْ مسْكَةُ الرَّبَواتِ الخُضْرِ توسِعُنا

 

 

بما تَفَتَّقَ مِن أنْسامِها عَبَقا

يا جِلَّقَ الشَّامِ إنّا خِلْقَةٌ عَجَبٌ

 

 

لم يَدْرِ ما سِرُّها إلاّ الذي خَلَقا

يا جِلَّقَ الشَّامِ كم مِن مَطْمَحٍ خَلَسٍ

 

 

للمَرءِ في غَفْلَةٍ مِن دَهْرِهِ سُرِقا

دِمَشْقُ عِشْتُكِ رَيْعاناً، وخافِقَةً

 

 

ولِمَّةً، والعُيونَ السُّودَ، والأَرَقا

فَخْراً دِمَشْقُ تَقاسَمْنا مُراهَقَةً

 

 

واليومَ نَقْتَسِمُ الآلامَ والرَّهَقا

دِمَشْقُ صَبراً على البَلْوى فَكَمْ صُهِرَتْ

 

 

سَبائِكُ الذّهَبِ الغالي فما احْتَرَقا

يا (حافِظَ) العَهْدِ، يا طَلاّعَ أَلْوِيَةٍ

 

 

تَناهَبَتْ حَلَباتِ العِزِّ مُسْتَبَقا

يا رابِطَ الجَأَشِ، يا ثَبْتاً بِمُسْتَعِرٍ

 

 

تَآخَيا في شَبوبٍ مِنه، والتَصَقا

تَزَلْزَلَتْ تَحْتَهُ أرضٌ فما صُعِقا

 

 

وازَّخْرَفَتْ حولَهُ دُنيا فما انْزَلَقا

وغابُ خَفَّانَ زَئَّارٌ بهِ أسَدٌ

 

 

غَضْبانَ يَدْفَعُ عن أَشْبالِهِ حَنِقا

 

 

                   المحامي

موسى سامي خليل

 



عدد المشاهدات: 6548

الموسيقى .... ثقافة و علاج

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2017-06-20

قراءة في كتاب

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2016-11-08

الاينيادة ( Aeneid)

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2017-01-03

ماري عجمي

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2015-10-18



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى