الرئيسية   زكـــي الأرســوزي

زكـــي الأرســوزي

زكـــي الأرســوزي

                     فيلسوف القومية العربية

نتناول شخصية زكي الأرسوزي أحد أعلام منطقة لواء اسكندرون حيث يعتبر لواء اسكندرون بعامة وإنطاكية خاصة من أجمل مناطق الوطن العربي، فالخضرة تغطي المكان والينابيع موجودة في كل غابة ودغل، والطيور بأنواعها وألوانها منتشرة، أي أن الطبيعة تبلّغ رسالتها مباشرة وترسل أصواتها الناطقة والصامتة في كل اتجاه، والأرسوزي ولد ونشأ في هذا الجو الرومانسي، الذي زوّده بحساسية خاصة لمحبة الطبيعة والإصغاء عميقاً لنداءاتها الخفية.

كان والد الأرسوزي محامياً معروفاً، ومساهماً جدياً في قيادة الحركة الوطنية، ولقد حوكم وسجن ونفي بسبب نشاطه ضد تركيا والاستعمار الفرنسي. يقول الأرسوزي " ولدت في اللاذقية وترعرعت في إنطاكية حيث كان يقيم والدي وهناك دخلت المدرسة الابتدائية وأذكر أنني قد حفظت القرآن بكامله في بضعة شهور، وسرعان ما استيقظ ذهني على المسائل الغيبية (ما وراء الطبيعة) وكان عمري لا يتجاوز السبع، وكانت والدتي تدعو المشايخ إلى وليمة من أجل أن تقصّ عليهم مناماتي وكنت أدخل معهم في نقاش حول المسائل الدينية (الله- القدر- القضاء- الأزل) وكنت بينهم كالديك المفلفل الذي يدوّخ بخفته وسرعته – خصومه".

هذا الاعتراف الواقعي الذي يقدمه الأرسوزي بنفسه ويؤكده كل من كتب عنه أو عرفه معرفة حميمة، يشير إلى ينابيع أربعة حرضت فيما بعد على ظهور حدسه في اللسان العربي:

  1. الذكاء الفطري الذي يتمتع به الأرسوزي ويؤكده الذين تحدثوا عنه أو كتبوا عن ذكائه المتفوق.
  2. دور الأم الأساسي في الاهتمام بابنها وانشغالها بمناماته وأحواله الشخصية.
  3. حضور رجال الدين حضوراً مرجعياً في حياة الأسرة والأفراد.
  4. الجو الاجتماعي العام الذي كان يهيمن على الحياة في إنطاكية وريفها، وهو حسب الأرسوزي جو مشغول بالمسائل الغيبية إلى حد الانهماك.

منامات الأرسوزي تلك تثير الانتباه فعلاً، فقد كان يرى الله والأنبياء ، ويروي "لما بلغت الرابعة عشرة من عمري التقيت  بأحد أقاربي، وكان قادماً من الكلية الملكية في بيروت وبعد أن سمع هذا القريب قصصي من والدتي قال لي: أين أنت من الدنياً؟ أنت تشغل بالك بالأمور الإلهية، ألا تعلم أنه ظهر رجل يدعى (داروين) وقد بيّن للعالم أن الإنسان من قرد؟ لا أنكر أن هذا القول أدهشني، وبدأت أشك في عقائدي، وقادني التعب إلى النوم العميق فشاهدت في منامي غمامة تحيط بي من كل جانب وتأخذ بخناقي ثم صرخ صوت من قلب الغمامة يقول: هل أنت موجود أم لا؟ كان ذلك صوتاً غيبياً أجبته: يا  رب أنت موجود؟.

لقد أجمع الذين كتبوا عن الأرسوزي على تأثره بالفيلسوف الصوفي المثالي (برغسون) ونضيف أيضاً أن قادة الحركات الثقومية في المشرق العربي في النصف الأول من هذا القرن قد تأثروا إلى أبعد حد ببرغسون وخاصة في كتابه (التطور المبدع).

في باريس أيضاً وجد الأرسوزي الفلسفة الرومانسية الألمانية ووجد بصورة خاصة فيلسوف القومية الألمانية (فيخته) في كتابه الشهير (نداءات إلى الأمة الألمانية) ويبدو فيخته كان أباً روحياً بمعنى ما لغالبية رجال الفكر القومي في بلاد الشام. يقول الشاعر سليمان العيسى أحد تلاميذ الأرسوزي وابن مدينته " لشد ما كنا معجبين بهذا الفيلسوف الألماني العظيم (فيخته) في تلك المدة من حياتنا إنني ما أزال أحفظ مقاطع كاملة من كتابه الشهير (نداءات إلى الأمة الألمانية) حتى لقد ترجمه أحد من رفاقنا الكبار إلى العربية ولكن الترجمة لم تنشر في يوم الأيام.

والأرسوزي يصور لنا مدى أهمية المرحلة التي قضاها في باريس ليدرس الفلسفة فيقول" في عام 1927 ذهبت إلى باريس أدرس فيها الفلسفة، وهناك حصلت لي أول تجربة (ميتافيزيكية) فاستحالت نفسي وأصبحت مظاهر حياتي بتأثير هذه الاستحالة ترتدي حلة جديدة بمعنى أخذت جميع المفاهيم تكتسب معنى جديداً غير المعنى الذي كنت ألفته أثناء المطالعة وبذلك كونت معالم شخصيتي تكويناً جديداً ورسائلي في الفلسفة والفن والأخلاق توضح هذا الاتجاه الجديد.

وقد بقي الأرسوزي ثلاثين سنة ينوع بأشكال مختلفة لإيضاح البنيان الذي يقدمه فنياً ويختار من القاموس العربي أمثلته بانتقائية حرة فتحت عنوان ملاحظات على (منشأ اللسان العربي) يقول الأرسوزي:

  1. إن اللسان العربي بالنظر إلى نشأته (صورة صوتية مقتبسة عن الطبيعة مباشرة) وبالنظر لصناعته أيضاً (تجلّي العبقرية في كافة أصوله) أي في منظومته الصوتية وفي قواعده النحوية وفي مفرداته.
  2. يتبين من سير الحوادث التاريخية أن ما يبدعه الإنسان من أفكار ومؤسسات وما يخترعه من آلات ينتقل من أمة إلى أمم أخرى ومن إقليم إلى كافة اللغات .

كتب الأرسوزي عن اللغة ثلاثة كتب هي :

  1. العبقرية العربية في لسانها (1943م).
  2. رسالة اللغة (1952م).
  3. اللسان العربي (1963م)

 

غسان الشحادة



عدد المشاهدات: 3695

ندرة اليازجي

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-03-07

فيروز..نغم الشرق الأبدي

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2017-11-13

صباح فخري

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-02-21

وديع الصافي..قديس الطرب العربي

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2017-09-12



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى