الرئيسية   سلطان الأطرش

سلطان الأطرش

سلطان الأطرش

إن استقصاء حياة سلطان الأطرش يكشف لنا أنه كان ميالاً إلى ما يشبه التصوف أو الزهد، وتقشف ريفي دفعه لكي لا يتمايز عن فلاحي بلدته (على الرغم من ملكيته الواسعة) فيبني داراً على الطراز التقليدي المتكرر في قرى المنطقة كلها، مضافة للزوار، ويضع غرف متقابلة ومكشوفة. أما على المستوى القيادي فأثبت أنه زاهد في السلطة وفي الشهرة ، فمنذ الساعات الأولى للانطلاقة الثورة السورية الكبرى ردد كلاماً لم يكن موجوداً في الأجندات السياسية لأكثر القادة العسكريين والسياسيين آنذاك، فقال في تصريح صحفي ما يلي: ((لا يمكن لأحد أن يتصور بأن سلطان سيكون رأساً للبلاد بل أرغب أن أطهر البلاد أولاً ثم أسلمها لمجلس وطني عام يسن قوانين البلاد وينتخب من يشاء)).

ونستعرض أيضاً في سجله الشخصي عن شجاعته وجرأته وفروسيته التي تجمع بين مآثر المقاتل الماهر والرومانسي النبيل. ويضيف آخرون خصالاً أخرى مثل نظافة اليد والنزاهة إضافة إلى خصال أخرى تبدو متناقضة كالعناد والتسامح والحزم والرقة ويمكن أن نذّكر بطبائع وسلوكيات ومواقف أخرى يرددها كثيرون ممن عرفوه شخصياً أو تناقلوا الحكايات عنه.

وليس لدينا تاريخ نهائي لسنة مولده، ويمكن القبول بعام 1891 مع زيادة سنة أو نقصان أخرى حسب بعض المؤرخين.في تلك السنوات كانت السلطنة العثمانية تمر في عهد سماه المؤرخون (عهد الظلم) فقد اغتيل مدحت باشا أبو الدستور العثماني وعُطل البرلمان والدستور معاً وأضحى السلطان عبد الحميد حاكماً مطلقاً يسخر العقيدة والدين والتعاليم السياسية من أجل تأبيد سلطته وفي تلك السنوات أرسلت السلطنة حملة تأديبية إلى الجبل بقيادة ضابط متشدد هو ممدوح باشا ويبدو أنه تمكن ولأول مرة من جمع السلاح الموجود في أيدي الناس وسوق الشباب إلى الجندية ثم قبض على بضعة زعماء ونفاهم خارج البلاد ومنهم والد سلطان نفسه.

وسط هذا المناخ الضاغط اضطرت أسرة سلطان للابتعاد عن مجال نفوذ السلطة العثمانية وبسبب الهروب المتواصل ظلّ سلطان بلا تعليم أمياً لا يعرف القراءة والكتابة، غير أن هذا الشاب الأمي نفسه سوف يعود من الجندية التي أرغم على تأديتها في الروملي متعلماً لا يقرأ ويكتب وحسب بل يستطيع هو ورفاقه في الثورة السورية الكبرى لاحقاً، صياغة بيان وطني من أفضل وأكثر البيانات السياسية استقامة ونزاهة في التاريخ.

واستمر يقود رجال الثورة حتى نهاية ذلك العقد تقريباً والمعروف أن واحدة من أهم معارك الثورة السورية الكبرى وهي معركة المزرعة قد حسمت بفضل الهجمات المتقطعة والمتكررة وشبه الدائمة طوال أكثر من ثمان وأربعين ساعة لمجموعات لا تعد من عصابات الفرسان على الجيش الفرنسي المدجج بالأسلحة الثقيلة والخطط العسكرية وطوابير المؤن والذخائر والمتقدم نحو السويداء على طريق معبّد وشبه مستقيم سبق أن شقته السلطات الفرنسية لتسهل تحرك قواتها.

ويقول منير الريّس : إن سلطاناً كان أول من رفع العلم العربي في دمشق المحررة، وقال الريّس أيضاً إن مصطفى كمال نفسه كان يشاهد من نافذة غرفته في فندق فكتوريا العلم العربي وهو يرتفع فوق دار الحكومة، حدث هذا مساء الثلاثين من أيلول عام 1918 غير أن العلم العربي الرسمي المُسّلم من الشريف حسين إلى الأمير عبد القادر الجزائري، رُفع في الأول من تشرين الأول عام 1918 من قبل الأمير محمد سعيد شقيق عبد القادر أي صباح اليوم التالي.

غير أنه لم يبق في دمشق المحررة طويلاً عاد إلى الجبل بعد أن نال لقب باشا من الشريف حسين ووطد صداقة متينة مع الأمير الملك فيما بعد فيصل بن الحسين وصداقته هذه مكنته من معارضة مفاوضات فيصل مع الفرنسيين وانتقاد اتفاقه مع (كليمنصو) في 7 كانون الثاني 1920 وهو اتفاق تضمّن أول الشروط التي سمحت للفرنسيين بالتغلغل في سورية حين قبل فيصل (باسم سورية) المعونات والمستشارين الفرنسيين. وأولوية التعهدات والقروض المالية، وكان رأي سلطان أنه "لا جدوى من التفاهم مع الفرنسيين" والمرجح أنه كان قد عرف تفاصيل اتفاقية (سايكس بيكو) أو فكرة عنها وهي الاتفاقية التي اقتسم فيها الفرنسيون والبريطانيون المشرق العربي، غير أن البريطانيين كانوا أكثر دهاء وحكمة في إدارة سياساتهم من الفرنسيين آنذاك، دون أن يعني هذا أي تبديل في معاهداتهم واتفاقياتهم المشتركة لتوزيع ما عرف بتركة الرجل المريض (السلطنة العثمانية).

غير أن سلطاناً لم يكن قد بدأ بعد أي تحرك ذي طابع عسكري ضد الفرنسيين، وإذا ما طرح السؤال المشروع: لماذا؟ فإن أكثر الأجوبة ملاءمةً هو القول بغياب الظروف الموضوعية والذاتية لمثل هذه التحركات فللقيام بعمل أو أعمال عسكرية ضد المحتل يجب أن تتوفر جملة شروط منها تحشيد الناس وفحص استعدادهم للثورة وتسليحهم وتدريبهم ودراسة المنطقة السياسية وطبيعة القوى فيها وحجمها ونطاق أهليتها....الخ ويبدو رغم عدم توفر الأدلة حول هذه المعطيات أن هذا ما فعله بالضبط ولذلك فإن قضية (أدهم خنجر) إنما كانت الشرارة الضرورية المنتظرة للقيام بعمل ما ضد الاحتلال.

كان الشاعر القروي أول من كتب يشيد في مديح سلطان باشا:

خففت لنجدة العاني سريعاًغضوباً لو رآك الليث ريعا

وأشاد الدكتور عبد الرحمن الشهبندر بقدرة سلطان الأطرش العفوية على تأجيج مشاعر الحشود واستقطاب عواطفهم وابتداع الوسائل الكفيلة بجذبهم إلى الميدان في اللحظة المطلوبة.

وفي صورة لسلطان الأطرش يمتطي صهوة حصان أبيض مزين بأوشحة من الصوف وفي خلفه في أفق الصورة يصطف مئات المقاتلين وهم يرفعون البيارق (أعلام القرى).

ومن أهم مطالب سلطان باشا:

  1. وحدة البلاد السورية ساحلها وداخلها والاعتراف بدولة سورية عربية واحدة مستقلة استقلالاً تاماً.
  2. قيام حكومة شعبية تجمع المجلس التأسيسي لوضع قانون أساسي على مبدأ سيادة الأمة سيادة مطلقة.
  3. سحب القوى المحتلة من البلاد السورية وتأليف جيش محلي لصيانة الأمن.
  4. تأييد مبدأ الثورة الفرنسية وحقوق الانسان في الحرية والمساواة والإخاء.

وأخيراً حكم بالإعدام عليه غيابياً بتاريخ 27 أيار 1926 وفي الوقت نفسه هدده الانكليز في الأردن ليكفّ عن هجماته ضد الفرنسيين انطلاقاً من الأراضي الأردنية.

وصفه الأمير عادل أرسلان الذي كان رفيقاً لسلطان في القتال بقوله:

في مهمـــــــــــــه كـــــــــــأن السمـــــــا                     لم تروه بالقطر من عهد نوح

إنسانــــــــــه ضــــــب وأشجـــــــــــاره                     شيح وصوت التغني فحيح

ظل سلطان منفياً إلى سنة 1937 حين صدر العفو عنه وعاد إلى الوطن.

غسان الشحادة



عدد المشاهدات: 2998

ندرة اليازجي

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-03-07

فيروز..نغم الشرق الأبدي

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2017-11-13

صباح فخري

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-02-21

وديع الصافي..قديس الطرب العربي

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2017-09-12



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى