الرئيسية   التكرار..هل حقا يعلم المستهلكين (الشطار)..؟!

التكرار..هل حقا يعلم المستهلكين (الشطار)..؟!

 

التكرار..هل حقا يعلم المستهلكين (الشطار)..؟!

كتب أحمد العمار:

كثيرة هي تلك الممارسات الإعلانية الاجتهادية التي قد يمارسها المعلنون دون الرجوع إلى المخططين وأصحاب الخبرات، والتي ليست بالضرورة أن تؤدي إلى فشل كلي أو جزئي للحملة الإعلانية، ولكنها بالتأكيد ليست محسوبة أو مضمونة النتائج، ولعل من أهم هذه الممارسات وأكثرها شيوعا تكرارية نشر أو بث الإعلانات مساحة (في المطبوع)، أو زمنا (في المتلفز والمذاع).

بداية، لنتفق على عدة مسلمات مهمة للغاية، أولها أن الإعلان غير المتكرر غير مجد، وثانيها أنه كلما كانت مرات التكرار متقاربة كلما قلت احتمالات النسيان لدى المتلقي، وثالثها وجوب تقليل هذا التكرار كلما كان ضغط الإعلان كثيفا في الوسائل المختلفة..

والحسم في موضوع التكرار يقتضي فهما عميقا لتصنيف السلع وفقا لتعميرها لدى المستهلك، والتي تقسم إلى ثلاث فئات هي: المعمرة (الأجهزة المنزلية والأثاث والسيارات)، ونصف المعمرة (الملابس)، وغير المعمرة (معظم المواد الإستهلاكية)، وبالتالي، فإن السلع نصف المعمرة مثلا تحتاج لتكرار أقل من غير المعمرة وأكثر من المعمرة.

ويعتبر حجم ميزانية الإنفاق الإعلاني لدى المنشأة من أهم محددات الحملة، وبالتالي تكرار النشرات، فإذا كانت الميزانية كبيرة، فإنها تسمح بتكرار أكثف، والعكس صحيح في حال الميزانية المحدودة، ويفضل في مثل هذه الحالة عدم الإكثار من الوسائل، بل والاكتفاء أحيانا بوسيلة واحدة شريطة أن تكون قوية ومؤثرة، لأن كثرة الوسائل مع قلة كثافة التكرار تعني ضعفاً في التأثير والوصول، بالمقابل لا يجوز في حال توافر ميزانية كبيرة الوصول بالتكرار إلى حد التخمة الإعلانية المؤدية إلى الملل.

وعموما، لا مناص من أن يفاضل مخطط الحملة بين استراتيجيات ثلاث عند اتخاذ قرار بكثافة أو محدودية تكرار النشر أو البث، وتتمثل الإستراتيجية الأولى بالوصول (Reach)، أي عدد المتلقين الكلي الذين تحاول الحملة الوصول إليهم والتأثير فيهم، والثانية التكرار (Frequency) ويراد به معدل عدد مرات عرض الرسالة خلال فترة زمنية محددة، وعادة ما تستخدم فترة الشهر الواحد لحساب هذا المعدل، أما الثالثة، فهي الاستمرارية (Continuity)، أي المدة الزمنية للحملة.

ويؤدي التجانس بين هذه الاستراتيجيات إلى زيادة التأثير والجدوى الإعلانية، فمثلا عرض عدد محدد من الرسائل لشرائح واسعة من المتلقين أفضل وأجدى من عرض رسائل كثيرة لشريحة محدودة، كما أن الحالة الأولى تحقق وفرا في الإنفاق الإعلاني، لأن حجز مساحات نشر وأوقات بث كثيرة يزيد من العروض والحسومات التي سيحصل عليها المعلن، ما يخفف من تكلفة الوصول والانتشار الأكفأ لكل متلق من هؤلاء المتلقين.

وهكذا، فإنه لا يجب النظر إلى التكرار في الإعلان وفقا لنظرية التلقين التي اعتدنا عليها في المدارس منذ نعومة أظفارنا عملا بقاعدة (التكرار يعلم الشطار)، بل كجهد مدروس ومتداخل فنيا ووظيفيا مع غيره من الجهود الإعلانية والتسويقية.      

 

 

 



عدد المشاهدات: 865



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى