الرئيسية   الشجاعة الإيجابية " التغلب على الخوف "

الشجاعة الإيجابية " التغلب على الخوف "

الشجاعة الإيجابية " التغلب على الخوف "

تتكون بعض المخاوف خلال فترة النمو، وكثيرا ما تنخفض عندما نكبر، والبعض يتولد نتيجة لحوادث خطيرة، أو من خلال التعرض لظروف اجتماعية غير سارة، كما أن التغيير يعد احد أهم العوامل التي ينتج عنها الشعور بالخوف، فدائما ما يخلق التغيير قدرا معينا من الاضطراب النفسي، وذلك سواء كان التغيير ايجابيا أم سلبيا.

وبمجرد أن يتم تسجيل الخوف في أذهاننا لأول مرة، فسوف يكون جزءا من تجاربنا الشعورية ، وإذا تخيلنا أن ذاكرتنا مصنوعة من مادة لينة قابلة للتشكيل ،فان أي تجربة نمر بها سوف تترك أثرا في هذه المادة، يشبه الأخدود، وإذا ارتبط حدث معين بشعور قوي مثل الخوفـ فسوف يكون الأثر أكثر عمقا على هذه المادة ، وكلما كثرت الأحداث المسببة للخوف ازداد عمق الأثر، وسوف يزداد تأثير العقل به كلما ازدادت توابع تلك الأحداث.

والنتيجة هنا هي أننا نبدأ بالاستجابة تلقائيا بالخوف كلما حدث نفس الشيء.

إن للخوف تأثيرا عميقا على الجسم والعقل ، فهو يؤدي إلى حدوث تغييرات في الجسم يلاحظها أي شخص حتى وان كان غير متخصص.

فقد يمكننا ملاحظة توترا أو اضطراب شخص ما من شحوب لونه، أو تجمده في مكانه حين يشعر بالخوف ، ولكن الأهم من هذه الاستجابات الخارجية هو ما يحدث داخل الجسم، فهناك تغيرات كيميائية تحدث في الجسم والتي قد تؤدي – في الحالات الخطرة – إلى اختلال توازن الجسم للدرجة التي قد تؤدي بدورها إلى الإصابة بمرض جسماني إذا ما تعرض الشخص للخوف بانتظام.

الخوف الايجابي والخوف السلبي:

إن الخوف هو استجابة شعورية تعمل كإشارة تحذير عندما نكون في موقف ندرك انه خطير.

ويعد ذلك جيدا ما دام هذا الموقف خطرا، أو يهدد حياتنا وصحتنا بالفعل، كما انه مفيد ومنقذ للحياة أن تبتعد عن حافة منحدر عند هبوب رياح قوية، وكما هو أمر جيد كذلك أن تبتعد عن طريق كلب ضخم يحاول مهاجمتك ، وان تبادر بالجري إذا تعرض منزلك لحريق ضخم يصعب السيطرة علية.

في جميع هذه الحالات ـ فان الخوف هو دافع ايجابي ووقائي يحثك على الهرب لإبعاد نفسك عن المواقف الخطرة.

وتبدأ هذه الآلية الغريزية منذ الصغر، وقد اتضح ذلك في تجربة أجريت على أطفال فور تعلمهم الحبو، والذين تركوا ليتحركوا بحرية على سطح يبدو وكأن به هوة في المنتصف ، وعلى الرغم من تغطية هذه الهوة بلوح قوي من الزجاج ،إلا انه لم يجرؤ احد من هؤلاء الأطفال على التقدم  نحوها.

وبالمثل فان معظم الأطفال يرهبون الحيوانات التي بنفس أحجامهم  أو اكبر منها ، كما إنهم لا يقتربون منها حتى يتم تشجيعهم من قبل الكبار ، الذين يحاولون دائما التوضيح أن هذه الحيوانات غير مؤذية أو ضارة.

إن الشعور بالخوف يكون ايجابيا عندما يمنعنا من الاقتراب من الأذى على المستوى المادي ، ولكننا لا نتعرض لمواقف خطرة كثيرا في حياتنا اليوميةـ فبينما كان الإنسان يتعرض للخطر منذ الآلاف السنين من الحيوانات المفترسة ، والمناخ شديد الاضطراب ، والكثير من المخاطر الخارجية ، فإننا اليوم نعيش حياة سهلة ، حيث أن جميع ضرورات الحياة متاحة، كما أن أكثر الحيوانات – التي يمكن أن تراها –  شراسة هو قط الجيران، بالإضافة إلى أن الدواء والعناية الصحية الحديثة تطيل أعمارنا أضعاف ما كان يتمنى أن يصل إليه الإنسان في العصر الحجري ومع ذلك ما زال الخوف موجودا.

إن الأمر يبدو وكان العصر الحديث يفرض علينا نوعا مختلفا من الخوفـ وهو الخوف الذي يريد حمايتنا من المخاطر العاطفية ، مثل الشعور بعدم القيمة أو بأنك شخص غير محبوب أو غير مرغوب فيه ، وعندما تشعر بالخطر على حياتك فانه لا يكون هناك وقت للقلق على مثل هذه الأشياء ، وعندما نشعر بالأمان على احتياجاتنا المادية ، يبدو أن ذلك يسمح لنا بان نهتم بمواقف وأشياء اقل أهمية.

فنحن نشغل أذهاننا بأحداث مستقبلية في خيالنا ، مثل ماذا لو أفلست أو ماذا لو طلب مني التحدث في مؤتمر غدا  أو ماذا لو رفضني الشخص الذي اشعر نحوه بالإعجاب.

إن مثل هذه التخيلات الذهنية السلبية تعرف عادة بالقلق ، وهي ما يجعلنا نفتقد الاستمتاع بما نتمتع به  الآن، لأننا مشغولون بالند دوما.

وفي هذه النقطة فان الخوف يفقد صفته الايجابية ويتحول إلى قوة سلبية.

فما دمت تستخدم خوفك على انه علامة وتعمل على تحديد الصعوبات فان الخوف بذلك يحتفظ بدورة الايجابي.

فإذا كنت قلقا بشان موقفك المادي ، وكنتيجة لذلك التقيت مدير البنك لمناقشة الأمر ، فان ذلك يعتبر طريقة بناءه للتعامل مع الخوف، وسوف تؤدي إلى حل المشكلة التي سببت الخوف.

أما إذا سمحت للأمور بالخروج عن السيطرة ، وذلك بالتصرف بسلبية وتجنب مواجهة المشاكل ، فسوف يزداد الخوف عن الحد الطبيعي .

هناك من يستطيعون استخدام خوفهم بشكل مبدع لتحقيق أهدافهم ، فهم يستخدمون شعورهم بالقلق ليدفعهم لتحقيق أشياء جديدة لمساعدتهم على تركيز أذهانهم وزيادة وعيهم بالفرص الجديدة ، أي أن الخوف يعمل كقوة دافعة ، وبهذه الطريقة يتم تحويل القوة الناتجة عن القلق إلى طرق ايجابية والتي تقضي على الخوف نهائيا.

أما الأشخاص السلبيون فإنهم يرفضون التعامل مع مشاكلهم ـ وكل ما يفعلونه هو الجلوس والمعاناة والشعور بالخوف مما قد يحدث وهذا هو الخوف السلبي.

ولأنهم لا يحاولون حل مشاكلهم وإنهاء مخاوفهم ، فان الخوف يظل عالقا بذهن هؤلاء الأشخاص حتى يبدأو بتحديد مشاكلهم وحلها، فإذا ما قمت بالتأجيل وبقيت سلبيا ، فانك تعرض نفسك إلى مزيد من الخوف والقلق والعديد من الأعراض الجانبية الأخرى.

 

                                                                                                      أيمن الرفاعي

 

 

 



عدد المشاهدات: 6101



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى