الرئيسية   صورة الإعلان واقع أم غريزة  استئصال السلبية من العمل الإداري

استئصال السلبية من العمل الإداري

استئصال السلبية من العمل الإداري

إذا كنت تظن أن الحياة اليومية صعبة، فماذا تقول عن العمل الإداري؟؟

عندما تتقلد منصباً إدارياً فإنك لا تكون مسؤولاً عن نفسك فقط، بل عن الآخرين أيضاً..

فالإدارة هي مهنة التحديات المستحيلة، واتجاهاتك هي التي تحدد ارتفاعاتك، فالاتجاه الإيجابي يعلو بك إلى الآفاق، بينما يتجه بك الاتجاه السلبي إلى الأعماق، ولا أريد أن أقول إلى الحضيض.

فإما أن يكون سلوكك مصيدة توقعاتك في شراك أعمالك، أو يكون فضاءً رحباً يسمو بك إلى ما وراء المستحيل.

وعليك دائماً أن تختار السلوك الذي تواجه به قائمة التحديات الكثيرة، وهذه بعضها :

  • انهيار رابطة الولاء بين الموظفين والمؤسسة.
  • ارتفاع معدل دوران اليد العاملة، وزيادة تكاليف الموارد البشرية.
  • انطفاء جذوة الحماس داخل الموظفين، والعمل بروتين دون أهداف أو رغبة حقيقية.
  • انخفاض الروح المعنوية لدى الأفراد، وغياب روح الفريق، وسيطرة مشاعر المنافسة والصراع.
  • شيوع السلبية واللامبالاة في بيئة العمل.

فكيف نواجه هذه الظروف الضاغطة في عالمنا المتوتر، والمشدود على حواف المنافسة، وتقلبات الأسواق.

ندرك جميعاً أن إدارة الأشياء أسهل من إدارة الأشخاص، وإدارة الآخرين أسهل من إدارة الذات، حيث نشكل أنا وأنت وكل العاملين معنا أهم ما في الموضوع، فالناس هم الأساس وهم أهم ما نملك، ولذلك تتطلب إدارتهم مزيجاً متكاملاً من المشاعر الايجابية، والمعرفة العلمية، والأخلاق الشخصية.

ولكن أين هو المدير الذي يتمتع بمثل هذا التكامل الشخصي والمهاري؟؟

يندر أن يتوفر هذا القدر من التكامل بين معظم المديرين اليوم، فمن المعروف أن مديري الإدارة الوسطى يختارون من بين أكفأ المرؤوسين، و المؤهلات التي تدفع به إلى الترقي تكون في معظمها مؤهلات فنية وعملية، فالإدارة العليا تفترض أن الموظف الكفء يستحق التقدير بالترقية، وهي تأمل أنه سيتمكن من قيادة مرؤوسيه ويدفعهم للاقتداء به.

ولكن هناك فارقاً بين قيادة الذات وقيادة الآخرين، وعندما يتم دفع هذا الموظف المنتج إلى صفوف الإدارة فإننا نفقد موظفا كفؤاً أكثر مما نكسب مديراً محنكاً، ذلك أن مهنة الإدارة ترتكز على مؤهلات مفقودة، أكثر مما ترتكز على مؤهلات موجودة.

يتهم الموظفون الإدارة بأنها تدفعهم إلى السلوك السلبي دفعاً، ومن جانبها تتهم الإدارة الموظفين بأنهم يتسببون بتصرفاتهم السلبية الإضرار بالعمل.

وهكذا يوجه كل طرف أصابع الاتهام إلى الطرف الآخر، ويتبنى كل طرف سياسة (هم السبب) حيث يعتقد كل طرف أن المسؤولية تقع كاملة على عاتق الطرف الآخر، ولكن الحقيقة أن المسؤولية تقع على عاتق الطرفين معاً.

السلبية مرض عصري :

اسأل أي مدير داخل مؤسسته عن متاعب مهنته وانظر بماذا سيجيب؟؟

في أكثر من 80% من الحالات تكون المشكلة ذات الأولوية لدى أي مدير هي سلبية الموظفين وانخفاض إنتاجيتهم، و هناك خطورة مؤكدة في السلبية، إذا ما استحوذت على الموظفين، ومن الممكن أن تعبر السلبية عن نفسها بأشكال مختلفة :

  • الإهمال، وربما التخريب.
  • تصعيد الصراعات والأحقاد.
  • تحطم الروح المعنوية واضمحلال قيم التعاون.
  • انهيار مستويات الأداء والجودة والإنتاجية.
  • الشلل التنظيمي والعجز عن قيادة التغيير.

تلك هي التطورات الطبيعية للنزعات السلبية في بيئة العمل.

لكن سلبية الموظفين بكل أشكالها ما هي إلا أعراض لأمراض، أي أنها ليست هي المرض، أما جذور وأسباب هذا المرض فهي ما يستحق التحري عنه، لأنها وثيقة الصلة بظروف العصر ووتيرة الحياة التي نعيشها.

وقد يكون فيما أطرحه الآن حلاً سريعاً للتعامل مع هذه السلبية..

أولاً : اهتزاز الثقة بالنفس :

من خلال اطلاعي على بعض الدراسات يحضرني قول أحد علماء النفس، أنه من بين كل ثلاثة أفراد هناك واحد فقط يتمتع بالثقة بالنفس، وهذا يعني أن ثلثي من يعملون معك لا يتمتعون بالثقة بأنفسهم، فما هو تأثير ذلك على المؤسسة؟؟

إذا ظن الموظف أنه لا يستطيع رفع مستوى الأداء أو الجودة، فمن المؤكد أنه لن يفعل، وعلى العكس من ذلك، إذا ما اعتقد الموظف أنه يقدر على شيء فإنه سينجزه لا محالة، وهذا ما يمكن تسميته تحقيق توقعات الذات، أي أننا نكون ما نريده، نصدق أنفسنا ونحقق كل ما نتخيله ونتوقعه، فننجح عندما نعتقد أننا ناجحون، ونفشل عندما نعتقد أننا فاشلون.

والعلاج هنا يكون بالتعامل بحذر مع كل ما يتعلق بنفوس الموظفين، فهذه الأمور لا تحتمل التسرع، لأن الهدف الأساسي للمدير هو الحصول على نتائج إيجابية، فنحن لسنا أطباء نفسيين، ولا يجب أن نستغرق في ذلك لاعتبارات التكلفة والعائد.

ورغم ذلك هناك بعض المديرين الذين يجدون الرضا الذاتي في مساعدة الآخرين، ويضعون ذلك فوق كل الإعتبارات الأخرى.

كما يمكن أن يتم العلاج بالمديح، ولكن ليس بطريقة الإطراء على موظف سلبي الأداء، فهو لا يعطيك الفرصة للقيام بذلك، فضلاً عن مخاطر تقديم الإطراء لهذا الموظف السلبي أمام الموظفين المجديين، والذين سيستاءون من هذه الفئة التي لا تكون في محلها، لذا يجب أن يتوفر في الإطراء شروط كثيرة منها :

  • أن يتم ذلك بينك وبين الموظف فقط، وليس أمام الجميع، فالجهر بالمديح يجب أن يقتصر على الموظفين المجدين بالفعل، حتى يرغب الكل بالاقتداء بهم، وحتى لا تسقط مصداقيتك أمام الجميع.
  • إذا لم تجد ما تمتدح الموظف عليه انظر إلى سماته الشخصية، فلكل منا سمة واحدة بارزة، على الأقل تميزه عن غيره، فيمكنك أن تجد في أسوأ الموظفين سمات طيبة، مثل الأمانة أو الصدق أو الوفاء، لذلك حاول اكتشاف هذه السمات في الموظف السلبي، واجعلها مدخلاً للمديح.
  • حذاري أن تمتدح السمات المتعلقة بالتمرد أو العصيان، مثل القوة والجرأة والعناد، ولا تستخدم الألفاظ الفضفاضة التي يمكن أن يساء فهمها، مثل الحب والشخصية السلسة أو المنفتحة.
  • اربط المديح بالمواقف الإيجابية في العمل، وليس بالحياة الشخصية للموظف.
  • كلف الموظف السلبي بالعمل الذي يحبه، بحيث تحفزه على الأداء الحسن، واستعادة ثقته بنفسه، ولا تصر على تحميله ما لا يطيق.
  •  

ثانياً : النميمة :

لا أحد يعرف متى وكيف صارت الغيبة والنميمة من الممارسات اليومية في العمل، كل ما أعرفه أن هذه الممارسات ما عادت تثير دهشة أحد أو انتباهه، إذ فقدنا حساسيتنا تجاهها، وأصبح المدير يعلم أن الموظفين فلاناً وفلاناً يغتابونه، دون أن يرى في ذلك أي غضاضة، فلم يعد النقد يقتصر على أفكار الآخرين أو تصرفاتهم، بل أصبح ذم الشخصية وتسفيه الأخلاق أقرب إلى سقطة اللسان من إطلاق الأحكام الموضوعية المتأنية، حيث ما أن يختلف اثنان في العمل، حتى يصب كل منهما كراهيته ووشايته ونميمته على الآخر.

كما تزداد الغيبة والنميمة في بيئات العمل..

  • إذا تم تعيين مدير جديد.
  • إذا كان المدير يصغر الموظفين بالسن أو في سنوات الخدمة.
  • إذا كان المدير سيدة ( أنثى ).

والعلاج السريع هنا يكون بنشر ثقافة المصارحة ومحاربة الشللية في العمل، ويتأتى ذلك بتوزيع المهام على الأفراد في شكل فرق عمل متداخلة، وعدم تقييد كل موظف بعمل مستقل، والتركيز على التعامل مع الأعمال وليس الأشخاص، والتكلم في سير العمل والخطط ومراجعتها، ونوعية الخدمات وتطورها، أي يجب التركيز على العمل وليس العامل، بحيث نحصل على المعلومات التي نريدها عن سير العمل، ونتجنب الخوض في بحر الإشاعات التي تلاحق الشخصيات، ومواجهة المحاولات السلبية بسرعة وحسم، ولكن دون تهور وعصبية، وعدم الاستطراد في شرح أسلوب الموظف السلبي وعدم انتقاد كلماته و مواقفه، فالموظف السلبي خبير في تحوير الكلمات، ولديه القدرة على تحويل مجرى الحوار إلى اتجاهات أخرى.

ثالثاً : الريبة :

هل تذكر تلك الأيام عندما كانت أول لفته تربطك بشخص جديد هي الاحترام المتبادل؟؟

كان ذلك في الماضي طبعاً، ففد تلاشى الاحترام الذي كنا نكنه للمعلم والطبيب والمهندس والمدير، فلم نعد اليوم نثق بالآخرين، أو نأمن لهم، بل أصبحنا نستجوبهم ونتربص بهم، وبما أننا في عصر السرعة، فقد أصبحت أحكامنا السلبية أيضاً أكثر سرعة.

وهنا يكون العلاج بتجنب اللوم، فالموظف السلبي لا يفهم اللوم الذي قد يوجه إليه، وكأنه محصن ضد اللوم والعتاب، فلا شيء يتحرك بداخله إذا ما لمته، بل قد يزداد سلبية وضراوة.

وبما أن نتائج اللوم دائماً سلبية، فمن الأفضل أن نتوقف عن اللوم، والإيحاء له بأنه موضع ثقة و أن المدير اقرب إلى مدحه من ذمه.

 

                                                                                                     أيمن الرفاعي

 

 

 



عدد المشاهدات: 6533

صورة الإعلان واقع أم غريزة

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-04-22

المراهق و الانترنت

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-02-19

استئصال السلبية من العمل الإداري

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-04-15

مسرح الطفل

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-02-12



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى