وصــــــــف ســــوريـــــــــا

وصــــــــف ســــوريـــــــــا

تعتبر سوريا جغرافياً وبشرياً مفتاح المنطقة وسرها، ولهذا تطلعت كل الإمبراطوريات التوسعية عبر التاريخ للسيطرة عليها من أجل ضمان استمرار وجودها المشرقي، ثم فشل الجميع في ذلك بسبب عدم فهمهم لطبيعة نسيجها الاجتماعي، وعمقه الجغرافي وثقافته العربية، فقد شكلت سوريا عبر التاريخ (قلب العروبة النابض) وأكملت قومياتها بقية أعضاء جسدها، لذلك كان لزاماً على القلب أن يضح دماءه إليها بالتساوي، وإلا حصل خلل ما في الوطن السوري، إذ لا يستطيع القلب أن يحيا منفرداً بذاته، كما لا تستطيع بقية أعضاء الجسد الاستمرار بالحياة من دونه.

وهذا هو سر الحياة السورية وجوهرها: التناسق والتكامل والتناغم بين مختلف القوميات والمذاهب والأديان، التي تشكل نسيجها وألوانها البديعة، وكل محاولة للتمييز أو الفصل أو الإلغاء من قبل الاستعمار كانت تؤدي إلى عكس ما تريده، إذ فشل جميع الطغاة في أن يأخذوا الجسد السوري إلى أسرَّتهم بالرغم من قوتهم، لذلك نرى أن صناعة الوحدة الوطنية تقتضي أن نبين مساهمات كل الطوائف والقوميات في بناء عزة هذا البلد والدفاع عن سيادته.

لم تكن سوريا يوماً مجسدة في تلك الخريطة التي كنا نرسمها في المدرسة، ذلك أن كل بلدان العالم لها خرائط وفيها جبال وأنهار وأشجار وسهول وبحار، وليس في ذلك ما يميزها عن بعضها، الوطن هو تلك السمة التي يحملها المواطنون في دواخلهم خارج حدود رقعتهم كما بداخلنا، ولا يمكن توصيفها إلا من خلالهم، وبالتالي فإن سوريا موزعة في كل العالم بحسب توزع أبنائها فيه.

ومن هنا يأتي وصف سوريا عبر توصيف السوريين ، فهم المفكرين والسياسيين والفنيين والعسكريين الذين امتدوا عبر مرحلة زمنية لأجيال، وهم من أعطوا أيام السوريين النكهة منذ قرن إلى اليوم من المرحلة العثمانية فالفرنسية فالاستقلال.

وأخيراً تبقى سوريا عروسنا أجمل الأوطان وعاصمتها أقدم عاصمة في العالم وسنبقى نتغنى بها ما حيينا.

نسرين كريدي

عدد المشاهدات: 6189