الرئيسية   التركز التجاري

التركز التجاري

دور الإطفائي أم دور المتنبئ الجوي..؟

 

 كتب أحمد العمار:

تعترض الدول التي تتبنى سياسات اقتصادية مفتوحة مشكلات عديدة، التي على صناع القرار الاقتصادي دراستها وتحليلها، وإيجاد الحلول المناسبة لها، ولعل ضبط إيقاع المنافسة بين اللاعبين في سوق من الأسواق يعتبر أحد أبرز هذه المشكلات، والتي منها أيضاً ما هو حجم الحصة المسموح بها من إجمالي السوق، بمعنى عدد اللاعبين الذين يتنافسون على سوق سلعة أو خدمة ما، وهذا هو جوهر التركز الاقتصادي.

في الوقت الذي تتبارى فيه الدول لتقليل نسب التركز في أسواقها، فإن الشركات تسعى في الاتجاه المعاكس للاستحواذ على أكبر حصة سوقية ممكنة، وهذا معناه (قضم) حصص المنافسين الكبار، على طريقة شركة (آبل) المتخصصة بالتقنيات والبرمجيات المتطورة وتفاحتها المقضومة التي تشير إلى قدرة الشركة على ابتلاع حصص المنافسين، وكما في عالم الأسماك تكون الغلبة للقرش والحيتان..!!

محلياً، يحدد قانون المنافسة نسبة التركز في الأسواق المحلية بـ /30/ بالمائة، مع السعي لتخفيضها إلى حدود 25 بالمائة، كما أعلنت العامة للمنافسة ومنع الاحتكار غير مرة، وهي نسبة معقولة إذا التزم بها المنافسون، وبحسب الهيئة، باعتبارها الجهة المشرفة على عدالة المنافسة وانسياب السلع إلى الأسواق، فإن هذه النسب من أدنى نسب التركز حول العالم، حيث تتجاوز في الدول الغربية الـ /50/ بالمائة، وتصل في أميركا إلى /60/ بالمائة، وفي مصر والأردن بحدود /40/ بالمائة، علماً أن تجاوز النسبة المحددة في القانون يعتبر احتكاراً تجب ملاحقته قانونياً.     

شخصياً، أعتقد أنه لا توجد في الأسواق المحلية حالات احتكار كاملة، فيما يوجد ما يسمى احتكار القلة، إذ لا تساعد ظروف الأسواق في الأزمة الراهنة على التركز، لا سيما وأن ضعف القوة الشرائية دفع بالمستهلكين لترشيد الإنفاق عبر الاقتصار على الضروريات، وعدم التوسع في استهلاك الكماليات، كما يوجد في بعض الأسواق انكماش عام أو قطاعي أو جزئي يرتبط بسلعة أو خدمة بعينها.

وهنا..تجدر الإشارة إلى أن دور الهيئة يجب ألا يكون كدور الإطفائي الذي لا يتحرك إلا عند اشتعال الحرائق، بل كدور المتنبئ الجوي، الذي يحلل ويدرس الاحتمالات ويحدد التوقعات، لذا مطلوب منها إجراء دراسات وأبحاث حول سوق سلعة أو خدمة ما، أو التركز الاقتصادي في سوق من الأسواق، أو تغيرات الأسعار العالمية والمحلية للسلع الأساسية خلال فترة زمنية محددة /غالباً نصف عام/، إضافة للتحري عن المعلومات المتعلقة بشكاوى مستهلكين، أو منتجين متضررين من ممارسات تجارية معينة.

 

 



عدد المشاهدات: 990



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى