الرئيسية   القنوات الفضائية وتأثيرها على المجتمع

القنوات الفضائية وتأثيرها على المجتمع

القنوات الفضائية وتأثيرها على المجتمع

 

إن عالم اليوم يختلف عن عالم الأمس، وحياتنا تختلف عن حياة آباءنا من قبل، بفضل ما حصل للعالم من تغير في جميع النواحي، فكل يوم طل علينا العلم بجديد، وجديد العلم لا ينتهي.

وعالم الاتصال هو من أكثر العلوم تطوراً يوماً بعد يوم، ولا نبالغ إذا قلنا أن هذا التطور الحاصل في علم الاتصال له العلاقة الأكبر في اختلاف الحياة عن الماضي، و كثيراً ما نسمع عبارة ( العالم أصبح قرية صغيرة )، ولكن في الحقيقة إن أصداء هذه العبارة نسمعها منذ سنوات قبل أن يعرف العالم القنوات الفضائية وعالم الانترنت، فأصبح الوضع يحتم علينا أن نغير هذه العبارة لتتلاءم مع عالم اليوم، فعالم اليوم صار بيتاً صغيراً.

وهنا سنتحدث عن شيء أصبح من بعيد يعتلي أسطح البيوت والعمارات، اختلفت أحجامه وتنوعت قنواته وتشعبت استخداماته وتعددت الآراء حوله، وبات قضية تؤرق المجتمع بين مؤيدٍ تأييداً مطلقاً، وباحث عن أحدث مبتكراته، وبين رافضٍ رفضاً مطلقاً، ويحاول التصدي وعدم الركون أو الرضوخ لحتمية وجوده وواقعيته، وبين هذين الفريقين، فريق وقف يرجح البصر والفكر مرتين قبل أن يطلق حكمه فيه..إنه الطبق الفضائي.

ولقد اخترت أن أكون من الطرف الثالث غير المتعصب، الذي ينظر إلى القنوات الفضائية على أنها واقع مفروض لا محالة منه، لها إيجابياتها ولها سلبياتها، والواقع يفرض علينا أيضاً التأكيد على هذه الإيجابيات ومحاولة التغلب على السلبيات، وتقديم المقترح الذي يحل كبديل لتلاشي هذه السلبيات.

وجاء اختياري لموضوع القنوات الفضائية، لأنه من المواضيع التي تشغل بال الكثيرين من المربين والمهتمين بالنواحي الاجتماعية والعادات والتقاليد للمجتمع، و لانتشاره الواسع بين أفراد المجتمع، لدرجة أنه لا يخلو منه بيت في وقتنا الحاضر.

وهنا نقول إن ما يبث في القنوات الفضائية عبارة عن برامج تسعى لجذب أكبر عدد من المشاهدين، وهذا ما جعل السباق بين الفضائيات العربية قائماً على قدم وساق، لاستقطاب هذا الجمهور، دون التركيز على نوعية البرامج التي تقدمها، وانعكاسها على أذواق المشاهدين المفترض أنهم الجمهور المستهدف لهذه المحطات.

وان كنا لا نشك فعلا أنهم هدفها، ولكننا نشك بحرصها على تقديم ما هو جدير بالمتابعة من الجمهور العريض المنوع بأعماره وثقافته وتقاليده.

هذا الجمهور الذي عودته غالبية الفضائيات على نمط محدد من البرامج التي لا تحتاج إلا للاسترخاء، والمتابعة البعيدة عن الارتقاء بالمشاعر والفكر والإبداع، أو إغناء الثقافة العامة الموجهة بشكل سليم، وجميعها تقدم برامج متشابهة إلى حد كبير، ويغلب عليها الطابع الترفيهي كالأغاني والأفلام والمسلسلات، وبرامج صباحية تعنى بآخر عروض دور الأزياء والمكياج ومتابعة أخبار المشاهير وصرعاتهم.

أما القنوات الجادة فمتابعوها أقل ربحاً، والسبب في ذلك أن برامجها أكثر اتزاناً وثقافة ومذيعاتها تبدو عليها الجدية في المظهر والحوار.

إن النتائج الإيجابية للقنوات الفضائية كثيرة جداً، بالنسبة للدول المتقدمة والدول النامية على حد سواء، وخاصة في حقل التعليم والتدريب المهني، وكذلك يمكن استخدام هذا النوع من الإرسال في نشر الأخبار والأحداث المهمة والبرامج الثقافية والرياضية، إذ أن هذا الإرسال من أنجح أنواع البث وأقلها تكلفة، خاصة في المناطق النائية، فوسائل الإعلام لها دور كبير في التنمية الشاملة، حيث أنها الوسيلة الأنجح في التواصل مع الآخرين، وإتاحة المجال للتعبير عن الرأي، ومساعدة الأمة في الحفاظ على القيم الثقافية، وفرض اتجاهات ونماذج سلوكية على الفرد والمجتمع.

كما أن للقنوات الفضائية دور بارز في تزويد الأطفال بالمعلومات والمعارف العامة، وفي تنمية الهوايات والنشاطات التي تسهم في إيجاد لغة مشتركة بين الأطفال، مما يقلل من آثار الفروق الاجتماعية فيما بينهم، وتأثيرها المعرفي لا يقتصر على الأطفال، فحسب بل أيضاً على الكبار، وساهمت بنشر العديد من القيم والعادات والسلوكيات.

ومن أهم إيجابيات القنوات الفضائية ظهور النقاشات السياسية والفكرية الملحة، وهما بلا شك لهما الكثير من الفائدة التي يتلهف لها الجمهور، لأنها نمط لم يعتد عليه الإنسان العربي.

كما أن لها دور كبير في تصحيح الصور النمطية لشعوب البلدان العربية .

أما من الناحية السلبية، فإن معظم البرامج التي تبث عبر القنوات الفضائية بحاجة إلى إعادة نظر، وخاصة إذا نظرنا إليها من منظور قيمي، فهناك مثلاً الكثير من برامج العنف والأفلام الهابطة التي ترتبط بمواقف اجتماعية فاشلة أو بمشاهدة مرفوضة.

والقنوات الفضائية هي أقوى الوسائل تأثيراً في اتجاهات الجماهير، وتكوين ثقافتهم وتوجيه سلوكهم، ولا تكمن هذه الخطورة في البرامج التي تستخدم في إعداد وإخراج طرق فنية وتعبيرية متباينة، تخاطب المشاعر والوجدان وتترك فيها أثرا قوياً على العقل والعاطفة معاً، وتستطيع بسهولة الوصول إلى المشاهد في عقر داره، وتغزو أسرته وتوجه أداءهم وتسيطر على توجهاتهم.

و من السلبيات مثلاً إصابة المشاهد بالكسل العقلي جراء مشاهدته للإعلانات التجارية لمنتج ما، إذ توفر على المشاهد مؤونة التفكير والبحث عن الأجود.

عدا عن ذلك، تلك الأغاني التي تتراقص على الألحان لتتسلل إلى القلوب وقد كشرت عن أنيابها، حيث تخطى المطربون حدود الأدب، وتضمنت أغانيهم ألفاظاً ومعانٍ سافرة عن العشق والغزل، فتؤذي المشاعر البريئة و لا تتناسب وتقاليد وأعراف المجتمع.

ومن سلبيات القنوات الفضائية أيضاً، أنها تمحو الثقافة الوطنية وتستهدفها للتهميش، وذلك بإجبار المشاهدين على تبني نموذج ثقافي بعينه، من خلال القيم الغربية واعتبارها النموذج الأمثل، وكذلك تعمد القنوات العالمية على نقل الصورة السوداء دائماص عن شعوب بعض دول العالم ( أليس من المعيب مثلاً أن لا نعرف عن دولة مثل بنغلادش سوى أنها دولة تكثر فيها الاضطرابات والقلاقل والفيضانات والفقر والجهل؟؟؟).

طبعاً يرجع السبب في ذلك إلى ضعف القنوات الفضائية العربية والإسلامية، واعتمادها على القنوات الفضائية ووكالات الأنباء العالمية في معرفة الأخبار.

وأخيراً..يخلض بنا القول ، أن تناول موضوع القنوات الفضائية وتأثيرها على المجتمع هو موضوع بلا شك واسع ومتشعب، ولا يمكن الإحاطة به ببساطة، ولكن كان القصد هو التعريف بالقنوات الفضائية وعرض ايجابياتها وسلبياتها، وسيتم التركيز لاحقاص في مقالة أخرى على تأثيرها على الطفل، ومحاولة إيجاد حلول لهذه السلبيات.

                                                                                                     أيمن الرفاعي

 

 

 



عدد المشاهدات: 20114

....

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-03-15

(ذهب)..إذا المال ذهب!

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-02-20



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى