الرئيسية   من بلدي

من بلدي

جـــبـــل الشـــيـــخ..شامةٌ في وجه سورية

جاء تشرين يا حبيبة عمري
أحسن الوقت للهوى تشرينُ

ولنا موعدٌ على جبل الشيخ
كم الــــــثـــــلج دافـئٌ وحـــــــــــنــونُ

هُزِمَ الروم بعد سبع ٍعـجاف ٍ
وتعافى وجداـننا المـــطـعـــــونُ

وقتلنا العنقاءَ في جَبَل الشيخ
و ألــــقى أضـــــراســــهُ الــــتنّـــــيـــنُ

 

تلك كلمات فاض بها وجد نزار قباني شاعر الحب و الشجون..بل رئيس جمهورية الشعر كما أسماه نقاد الأدب، لم يكن ليكتب إلا عن مواطن الجمال، و يعبر عن عشقه لروائع الدنيا، و ما كلماته السابقة عن جبل الشيخ إلا تعبير عن عظمته و قيمته التاريخية و الوجدانية في النفس العاشقة..و لأنه حقاً شامة في وجه سورية الصبوح..

جبل الشيخ..صامد ما هبت الريح..ليّن كما نسمات الصباح..

 

يقع جبل الشيخ أو جبل حرمون عند مثلث الحدود اللبنانية ـ السورية ـ الفلسطينية.

أسـماه العرب جبل الشـيخ لوجود الثلج على قممه غالبية أيام السـنة، حيث يشـبه بياض العمامة على راس الشـيخ، أو الجبل الشـيخ لمهابته وعظمته، وكبره عما حوله لقدسـيته.

هذا الجبل الشـامخ المهيب يطل على أماكن واسـعة جداً من المناطق السـورية، فالواقف على ذراه ولا سـيما على قمة قصـر عنترة، بإمكانه مشـاهدة مدينة دمشـق، وسـهول حوران، وبادية الشـام وهضبة الجولان في سورية، وجزءً من المناطق الشـمالية الأردنية، وعلى هضـاب فلسـطين وجبال الجليل والخليل، وسـهل الحولة جـورة الذهـب، وبحيرة طبريا في فلسـطين، كما يطل على سـهلي البقاع ومرجعيون وجبل عامـل وجبل الريحـان وتومات نيحـا، وهضـاب سـلسـلة جبال لبـنان الغربية وقممها المطلة على البقاع، كما يمكن رؤية البحـر الأبيض المتوسـط وجزيرة قبرص.

هذا الجبل الأجرد القليل السـكان كان في الماضي السـحيق مكسـواً بالأشـجار والغابات الكثيفة، حيث كانت الحيوانات منتشـرة فيه بكثرة، حتى الأسـود والنمـور كما ورد في التوراة، كما أنه كان أكثر عمراناً وسـكناً مما هو عليه الآن، لأن مناخه يتميز بالاعتدال صيفاً والجفاف وطيب الهواء ورطوبة وبرودة قارصـة شـتاءً ، حيث تهطل الأمطار غزيرة على الأودية والمنخـفـضـات، وأما الهضـاب والسـفوح والتلال والقمم فتتسـاقط عليها الثلوج، لا سـيما في أشـهر كانون الأول وكانون الثاني وشــباط وآذار، وربمـا تتســاقط في نيسـان وحـزيران أوان الحـصـاد.

تبلغ سـماكة الثلج المتساقط على ذرى جبل الشيخ عدة أمتـار في بعض السـنوات، مما يسـمح للجبل باختزان كميـات لا بأس بها من المياه، فتتفجر ينابيع على جوانبه وفي أوديته، منها ينابيع عرنـة وبيت جن وبانياس أحد روافد نهر الأردن في ســورية، ونبع اللدان في فلسـطين، والحاصباني والوزاني وينابيع شــبعـا في لبــنان، فضـلاً عن ينابيع وعيون كثيرة.

جبل الشـيخ الذي يختزن هذه الكميات الضخمة من المياه في جوفه كان يزدان بخضرة بديعة تكسـو جوانبه وسـفوحه حتى ارتفاع ما دون الألفي متر عن سـطح البحر المعروف بخط الأشـجار، والغابات الكثيفة التي كانت منتشـرة على سفوحه أكسـبت هذا الجبل مسـحة رائعة الجمال ورونقاً بديعـاً ، فقممه بيضـاء ناصعة يليها زنار عريض أخضر يتدرج حتى الأودية، أما أهم الأشـجار المعمرة في جبل الشيخ، فهي السـنديان أو البلوط و الحور والملول والقيقب واللبنا والزعرور والبطم والفرعم و الأرز و الزيتون و غيرها، وقد أمدت المناطق المجاورة والبعيدة بكميات ضخمة من الأخشـاب للصناعة والتدفئة، ومع الأسـف فالجبل اليوم أصبح أجرداً، بينما كان زاهراً يُضرب بخضرته وأشـجاره المثل.

أما الأشجار المثمرة التي يتميز بها: فهي التفاح و الكرمة و الكرز و التين و الجوز و اللوز و المشمش و الدراق.

كما يشتهر جبل الشيخ بخصوبة تربته و غناها، الأمر الذي ساعد في انتشار كثير من الزراعات الحقلية، مثل الخضراوات كافة و البقوليات و القمح و الشعير و البطاطا و البطيخ.

لقد شـهدت سـفوح هذا الجبل وأوديته والسـهول المحيطة به أحداثاً تاريخية هامة جداً في الأزمنة القديمة والمتوسـطة والحديثة والحالية، فكان لها التأثير الهام على العمران والسـكن وحياة الناس، لقد جرت على أرضه معارك كبيرة، فانتصرت جيوش وتقهقرت أخرى، وبنيت قلاع وتهدمت حصون نتيجة تلك المعارك والصراعات والزلازل أيضاً، كما أقيمت دور عبادة وصوامع للمتعبدين والزهـّاد.

في فترات السـلم تطور العمران ونشـطت الزراعة، وتعززت التجارة وعبرت القوافل، و أقيمت الأسـواق وبعض التجمعات التجارية الصغيرة، فضلاً عن الصناعات النشـيطة والحرف البسـيطة.

يضم جبل الشـيخ في حناياه وعلى منحدراته وسـفوحه وقممه كما في أوديته آثاراً مهمة مثال قلعة النمرود و مغارة الحمام.

تعتبر الوجهة الغربية من جبل الشيخ منطقة جبلية نائية تخلو من التواجد السكاني، خلافاً لحال السلسلة الغربية، وقد يعود ذلك إلى أسباب أمنية أو جغرافية، نسبة إلى بعدها عن المدينة، وهذه المرتفعات لا تقل شأناً عن جارتها السلسلة الغربية لما تشكله من أهمية على صعيد السياحة على مدار السنة.

جبل الشيخ المرتفع 2814 متراً عن سطح البحر، كان عبر التاريخ ولا يزال موطن الثلوج طوال أيام السنة، مما يسمح بممارسة رياضة التزلج وإقامة المجمعات السياحية، أسوة بالأماكن الأخرى المنتشرة في لبنان، بينما الرياضة الشتوية فيه، حكر على القوة الدولية في الناحية الشمالية وقوات الاحتلال في المرتفعات الجنوبية، حيث أقامت منذ سنوات مجمعاً سياحياً عند قمة الزلقا ومركزاً للتزلج.   

ملك عبد السلام



عدد المشاهدات: 12956

صناعة الأواني الفخارية

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2018-01-15

دمشق..جذور عميقة القدم

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2017-10-24

مغارات سورية

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2017-11-12

كفرسوسة..جارة الشام القديمة

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2017-06-08



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى