الرئيسية   الاستيداع حسب القانون السوري الجزء الأول

الاستيداع حسب القانون السوري الجزء الأول

الاستيداع حسب القانون السوري

 

الاستيداع :هو انقطاع الموظف (العامل) عن الدوام على عمله الوظيفي انقطاعاً مشروعاً، مدة محددة، بموجب صك صادر عن السلطة الإدارية المختصة، مع بقائه خاضعاً للرابطة النظامية للوظيفة العامة.

حالات الإحالة على الاستيداع أو أسبابها

يبدو أن غالبية قوانين الوظيفة العامة في دول العالم المعاصر لا تلجأ إلى تحديد أسباب الإحالة على الاستيداع أو حالاتها، بل تترك هذا الموضوع للسلطة التقديرية للإدارة المعنية التي يقع عليها عبء تقدير مصلحة سير المرافق العامة بانتظام وفاعلية، ولم يعمد المشرع السوري أيضاً إلى تحديد أسباب معينة للإحالة على الاستيداع. لكن العرف الإداري والاجتهادات القضائية نظمت هذه الحالات في النقاط التالية:

أسباب صحية: تحدد القواعد القانونية مدداً معلومة للإجازات المرضية (بمرتب أو بنصف مرتب أو بغير مرتب)، وتجب إحالة الموظف (العامل) بعدها على المعاش إذا انقضت تلك المدد قبل تمام شفائه. فيمكن في هذه الحالة أن يطلب الموظف المريض إحالته على الاستيداع بعد استنفاده للإجازات المرضية وتقرير اللجنة الطبية بأن حالته قابلة للشفاء، ويعود تقدير الموافقة أو عدمها للإدارة.

أسباب غير صحية: قد يكون للموظف (للعامل) أسباب غير صحية، كالحالات المتعلقة بالعمل داخل البلاد أو خارجها، ولكن لا يجوز للموظف الذي يبقى في البلاد في أثناء مدة الاستيداع، التوظف لدى إدارات الدولة أو المؤسسات العامة أو البلديات سواء أكان ذلك عن طريق الوكالة أم التعاقد، في حين يجوز له بالمقابل العمل في الشركات المؤممة. وفي الحالات المتعلقة بمرافقة الزوج، فاحترام العلاقة الزوجية والحفاظ على روابط الأسرة يقتضيان السماح لأحد الزوجين بمرافقة الآخر إذا رخص له بالسفر إلى الخارج. لذلك تسمح أغلب القوانين للموظف أو للموظفة بإجازة بغير مرتب لمرافقة الزوج في الخارج. وبعض هذه القوانين تجعل الأمر جوازياً للإدارة وتقصره على الزوجة من دون الزوج كما هو الشأن في القانون الكويتي. وتجعل قوانين أخرى إجازة مرافقة الزوج حقاً يجب أن تستجيب له الإدارة في جميع الأحوال من دون أن تكون لها سلطة تقديرية في ذلك، ومن دون وضع حد أقصى لها، ومن دون تفرقة بين الزوج والزوجة (المادة 69 من قانون العاملين المدنيين المصري رقم 47 لعام 1978). ومن أسباب الاستيداع غير الصحية الحالات المتعلقة برعاية الأطفال، إذ إن من واجبات الدولة كما تنص الدساتير الحديثة حماية الأمومة والطفولة.

شروط الإحالة على الاستيداع

وفقاً لنص المادة 77 من قانون الموظفين الأساسي السوري لعام 1945وتعديلاته تكون الإحالة على الاستيداع بطلب من الموظف إلى إدارته المختصة التي تنظر في الطلب، فإذا وافقت عليه يرفع إلى رئاسة مجلس الوزراء، أو إلى الجهة التي تمارس حق التعيين، وتتولى هذه الجهة إصدار صك الإحالة على الاستيداع بمرسوم أو بقرار، وذلك بحسب مرتبة الموظف طالب الاستيداع، إلا أن المرسوم التشريعي ذا الرقم 11 لعام 1986 جعل الإحالة على الاستيداع بقرار من رئيس مجلس الوزراء للفئات التي بقيت خاضعة لأحكام قانون الموظفين الأساسي. أما الخاضعون للنظام الأساسي للعاملين في الدولة الصادر بالقانون رقم 1 لعام 1985 فيمنحون إجازة خاصة بلا أجر بناء على طلب خطي. وبموجب هذا النظام تمنح الإجازة الخاصة بلا أجر بقرار من الوزير المختص إذا تجاوزت مدة الإجازة ثلاثة أشهر أو بقرار من الوزير المختص أو السلطة صاحبة الحق في التعيين، إذا لم تتجاوز مدة الإجازة ثلاثة أشهر، ويجب أن يراعى في منح المديرين الإجازات في مراكز المحافظات، سواء في القطاع الإداري أم في القطاع الاقتصادي، الحصول على موافقة المحافظ قبل إصدار كتاب منح الإجازة أو قراره.

ولا يجوز إحالة الموظف على الاستيداع لعدم قبوله الخدمة في محافظة أخرى في حال نقله إليها، ولا يمكن أن يصدر صك الاستيداع للمرة الأولى بمفعول رجعي، بل يعد صك الإحالة نافذاً من اليوم التالي لتاريخ تبليغه لصاحب العلاقة. أما صكوك تمديد الإحالة على الاستيداع فيمكن أن تُعطى مفعولاً رجعياً. وعند صدور صك الإحالة على الاستيداع معلقاً على أجل أو شرط موقف فلا يعد نافذاً قبل تحقق هذا الشرط أو الأجل الموقف، والإدارة يمكنها سحب مثل هذه الصكوك قبل صيرورتها نافذة، وتجوز إحالة الموظف الموفد على حساب الدولة على الاستيداع مع بقاء التزامه قائماً حتى إنهاء مدة الخدمة الفعلية المتفق عليها بصك الإيفاد، على أن يؤخذ تصريح من الكفيل يتضمن موافقته على ذلك. كذلك يجوز إحالة الموظف الموضوع خارج الملاك على الاستيداع متى توافرت الشروط اللازمة لذلك، وتتم الإحالة في مثل هذه الحالة من إدارة الموظف الأصلية كذلك للموظف المندب فتتم إحالته على الاستيداع من قبل إدارته الأصلية. أما إذا كان المحال على الاستيداع موظفاً متمرناً فإنه إذا زادت مدة الإحالة على الاستيداع على ثلاثة أشهر فيقتضي ذلك تسريحه بسبب عدم ثبوت الكفاية في مدة التمرين لأن من يحال على الاستيداع مدة تزيد على ثلاثة أشهر تعد وظيفته شاغرة ولا تعد مدة الاستيداع من الخدمة الفعلية التي تؤهله للتأصيل.

 

المركز القانوني للموظف (العامل) المحال على الاستيداع

إن حالة الاستيداع هي حالة انتقالية مؤقتة، يقصد منها منح الإدارة مدة معقولة للنظر في أمر موظف ألمت به أحوال خاصة. ومن ثم فإن وضع الموظف في أثناء مدة الانتقال هذه يتحدد في ضوء الأمور التالية:

ـ مدة الاستيداع، وفقاً للمادة /77/ من قانون الموظفين الأساسي السوري تكون مدة الاستيداع سنة واحدة قابلة للتجديد حتى خمس سنوات، وليس على الموظف المحال على الاستيداع مدة سنة، أن يقدم طلباً إلى الإدارة لتمديد استيداعه، وإن عدم تقدمه بطلب إلى دائرته للعودة إلى الوظيفة بعد انتهاء استيداعه الأول قرينة كافية لتأييد طلبه الأول بالاستمرار على الاستيداع سنة أخرى، وهكذا حتى خمس سنوات.

أما النظام الأساسي للعاملين في الدولة فقد قضت المادة /57/ فقرة /أ/ منه، بأن مدة الإجازة الخاصة بلا أجر، تحدد في الصك الصادر بمنحها على ألا تزيد مدتها، منفردة أو مجتمعة، على أربع سنوات طوال مدة خدمة العامل. وهذا النص يسد ثغرة كانت في قانون الموظفين الذي لم يكن يتضمن نصاً مماثلاً، مما لم يكن يمنع من تكرار طلب الاستيداع خمس سنوات أخرى بعد عودة الموظف إلى عمله في أعقاب انتهاء مدة الاستيداع الأولى.

وواضح أن تمديد الإجازة الخاصة بلا أجر، يوجب التقدم بطلب إلى الجهة العامة المختصة، ولا مجال للتمديد التلقائي، كما هو الحال في قانون الموظفين الأساسي لأن المادة /60/ من نظام العاملين لا تجيز التغيب إلا بإجازة أصولية.

وانسجاماً مع قصد الإلغاء الضمني لمصطلح الاستيداع والاستعاضة عنه بمصطلح «الإجازة بلا أجر»، فقد نصت المادة 160 من النظام الأساسي للعاملين أن مدة الاستيداع الممنوحة قبل نفاذه، تدخل في حساب المدة القصوى للإجازات الخاصة بلا أجر المنصوص عنها في الفقرة /أ/ من المادة /57/ من هذا النظام.

ـ الوضع الوظيفي: تعد الوظيفة التي كان يشغلها الموظف المحال على الاستيداع شاغرة بعد مرور ثلاثة أشهر على بدء الاستيداع.

ـ الراتب: يوقف راتب الموظف المحال على الاستيداع طوال مدة الاستيداع بدءاً من اليوم التالي لتاريخ تبليغه صك الإحالة على الاستيداع. ويقصد بالراتب هنا الراتب الأصلي وسائر التعويضات والمكافآت والمزايا الوظيفية. أما في النظام الأساسي للعاملين في الدولة فالأمر مفهوم حكماً من استعمال تعبير «بلا أجر» في وصف الإجازة الخاصة، في القسم السادس من هذا النظام.

ـ حساب الخدمة: تسقط مدة الاستيداع من حساب خدمات الموظف الفعلية ولا تدخل في حساب معاش التقاعد وذلك خلافاً للموظف الموضوع خارج الملاك، وهذا لا ينطبق على حالة الموظفة المحالة على الاستيداع للالتحاق بزوجها الموظف في البعثات الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية، إذ تعامل معاملة المعار فتعد مدة استيداعها من الخدمات الفعلية التي تدخل في حساب المعاش على أن يؤدى عنها العائدات التقاعدية. ويتضمن نظام العاملين نصاً مماثلاً فإذا تجاوزت مدة الإجازة بلا أجر ـ منفردة أو مجتمعة ـ ثلاثة شهور فلا تدخل حينئذ في حساب الخدمة.

ـ يفقد الموظف المحال على الاستيداع حقه في التدرج أو الترقية طوال مدة الاستيداع وذلك خلافاً للموظف الموضوع خارج الملاك الذي يحتفظ بحقوقه في التدرج أو الترقية. غير أن هذا الوضع لا ينطبق أيضاً على الموظفة زوجة الموظف في وزارة الخارجية المحالة على الاستيداع للالتحاق بزوجها في البعثة الخارجية إذ تعد مدة الاستيداع من الخدمة الفعلية المؤهلة للترفيع.

ـ الوضع القانوني: يبقى الموظف المحال على الاستيداع طوال مدة الاستيداع مقيداً بكل المحظورات المنصوص عليها في المادة 23 من قانون الموظفين الأساسي.

غسان الشحادة

 



عدد المشاهدات: 18772



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى