الرئيسية كفرسوسة..جارة الشام القديمة |
كفرسوسة..جارة الشام القديمة
كفرسوسة..جارة الشام القديمة
كفر سوسة، أحد أحياء دمشق القديمة، تبعد عن مركز مدينة دمشق ( منطقة المرجة ) مسافة تتراوح بين 6 كلم إلى 8 كلم تقريباً.
كفرسوسة لفظ بالسريانية ( إحدى اللهجات العربية القديمة ) أصله كُفرسوسية بضم الكاف، وهو من شقين كفر وتعني المزرعة والشق الثاني سوسية وتعني الخيل، وبذلك يكون المعنى مزرعة الخيل، وقد ذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان باسم كفرسوسية.
و يقال بأن هذه التسمية جاءت من ملك في قديم الزمان لديه بنتان فسمى هذه المناطق باسميهما وهما كغر وسوسة لدرجة حبه بابنتيه.
و حسب ياقوت الحموي في معجم البلدان فقد بنيت كفرسوسة بالتزامن مع مدينة دمشق أو بعدها بعقود قليلة، حيث لاحظ الآراميون بناة دمشق أن معظم الغزوات إنما كانت تأتي من جنوب المدينة، لذلك أحسوا بالحاجة إلى معسكر متقدم لحماية المدينة وتنبيه سكانها من هذه الغزوات، فاختاروا كفرسوسة لمياهها الغزيرة و خصوبة أرضها وجعلوها معسكراً لهم.
كما يستدل الباحث أحمد بقلة على ما ذهب إليه من بناء جامعها الكبير الذي يشابه في بنائه المسجد الأموي، ومن قاعدة مئذنة الجامع التي تشابه في بنائها أبراج معبد حدد وجوبيتر الدمشقي، الذي تحول فيما بعد إلى المسجد الأموي، مؤكداً أن هذا الجامع كان كالجامع الأموي معبداٞ للإله حدد وجوبيتر ثم كنيسة ثم مسجداً دشنه عمر بن الخطاب.
يعد حي كفرسوسة من الأحياء القديمة جداً في دمشق، اشتهر عبر التاريخ بزيت الزيتون الذي يرسل إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة (زيت الحرمين الشريفين) لإنارة الديار المقدسة، أو الذي كان الحجاج يأخذونه معهم عادة إلى الحج، وكان يتميز نقل الزيتون بمهرجان خاص يحتفل فيه أهل الشام في ثاني أيام عيد الفطر، كما تتميز المنطقة بأن جمال الحج الشامي كانت تخرج منها باتجاه (مكة المكرمة).
بني في كفرسوسة أقدم مساجد دمشق وهو مسجد كفرسوسة الكبير، وهناك أماكن أثرية عدة ومنها مقام الشيخ عبد الرحمن المسجف العسقلاني الذي بني 613 هـ، وبها بيوت أثرية عدة منها بيت آل بوبس الذي أعد لأفراح وأعراس البلدة بسبب جماله وسعته وكرم أصحابه.
اشتهرت كفرسوسة بالزراعة لأنها تتمتع بتربة عالية الخصوبة، حتى كادت تصنف بأنها أفضل تربة على سطح الأرض، لكنها فقدت وجودها حالياً بسبب دخول التنظيم العمراني والحجر، وكان فيها الكثير من أشجار الزيتون القديمة.
تقسم كفر سوسة إلى ثلاثة أحياء وهي: البلد والواحة واللوان وجزء من حي الإخلاص، وبها أمكنة تسمى بالقصر والبرج، وكما يقال بأنها قصور وأبراج ودواويين الأمويين، ففي منطقة القصر بنى بعض الخلفاء الأمويون قصوراً يصطافون بها، ولكنها درست مع الزمن وذهبت معالمها تحت وطأة الغزوات التي شهدتها دمشق، والتي مرت في غالبيتها العظمى من المزة إلى كفرسوسة أو من داريا ثم كفرسوسة.
يتمتع أهل كفر سوسة كما كل أهل دمشق منذ القدم بخصائص عرفوا بها، فقد أثر عنهم رقة الحاشية، ولطف المعشر ورحابة الصدر، والتجمل والاستغناء والبر، فجعلوا لمدينتهم طابعاً تمثل في علاقاتهم وطباعهم وسلوكهم وتطلعهم إلى الحياة، وقد تمثل ذلك في التحاب والوفاء والإيثار، فكان الرجل إذا أراد أن يفرح في زواج ابنه والبيت ضيق عليه يستأذن جاره بالسماح له ببناء جدار مشرقة بيت ذلك الجار لبناء غرفة يزوج بها ابنه، والأمر كذلك في مناسبة الطهور (الختان) التي كانت من أهم المناسبات التي تحتفي بها الأسرة في إطار من التقاليد والأعراف، كما تتوافد عراضات الأحياء المجاورة، على سبيل المشاركة بأفراح هذه المناسبة العزيزة على قلوب أسرة المحتفى بهم.
كفرسوسة في قلب العاصمة دمشق حالياً تعد من أرقى الأحياء السكنية في المدينة، وتمتاز بأبراجها السكنية العالية، وفيها فندق الكارلتون والعديد من الأسواق الضخمة، و تحتضن أشهر مركز تسوق في دمشق وهو الشام سيتي سنتر.
هذا و يمتاز حي كفر سوسة بوجود نسبة عالية من التعليم، ويضم الحي مدرستين ثانويتين، وثلاث مدارس شرعية واثنتي عشرة مدرسة ابتدائية وعدة مستوصفات، ويقطنه خليط سوري عدده حوالي ربع مليون نسمة.
محمد بردان
عدد المشاهدات: 15781 |
صناعة الأواني الفخارية
دمشق..جذور عميقة القدم
مغارات سورية
كفرسوسة..جارة الشام القديمة
التعليقات: