الرئيسية الفن و الواقع بين الورد و الرماد |
الفن و الواقع بين الورد و الرماد
الفن و الواقع بين الورد و الرماد
الواقع هو إطار مرجعي للتمثلات الجمعية حسب ديركايم، و هي خارجة عن وعي الأفراد و مستقلة عنهم، و لكن هذه التمثلات تتعرض للانزياح عن مقاصدها الأيديولوجية، و الفن وسيلة من وسائل الرفض لهذه التثملات الاجتماعية و نقدها و دحض أوهامها، فالواقع في الفن هو الخارج عن الذات، و هو الإطار التاريخي الخارجي الذي يضيف إليه المبدع إحساسه و خياله، و لكن هذا لا يحتاج إلى مهارة و صناعة فحسب، بل انفتح الفن منذ القرن الثامن عشر على فن التصوير و الفنون التخيلية.
و لم تعد كلمة فن تعادل مهارة بل تصب في خانة الكشف عن حقيقة مغايرة للواقع عن طريق الفن، بفضل الإحساس و التيقظ و قوة العمل بطريقة إبداعية تخلق قوانينها بعيداً عن الصناعة، لهذا أضيفت لها مفردات مثل إبداعي و جمالي حسب كولردج و كاريل و رسكن و شيللي و غيرهم..
و نظراً لمثالية النظرة للنظرية الرومانطقية و علم الجمال الجديد أضيف لها محتوى العلاقات الاجتماعية المادية دون التقليل من قيمة الإبداع الخيالي و العقلي، و قد بين جوركي أن الواقعية هي استخراج فكرة الواقع الأساسية، إضافة إلى هو مرغوب فيه عبر موقف رومانسي ثوري تجاه الواقع لتغييره الفن.
إن الورد بمعناه الحسي و الجميل لم يتعر من دلالاته الحسية و رائحته التي تعبق بالجمال الحسي و قدرته على تجديد الروح و الحواس، و لكن حين تتبعه مفردة الرماد التي تحيل إلى الموت المباشر و بقايا ما هو محترق، فهو يعبر عن الموت السريع و عن وجود عبثي فقد جماله و رائحته، فالورد و الرماد يشتركان في دلالة التغيير من الحياة إلى الموت السريع.
ارتبط الورد في الأساطير القديمة بالمرأة، و في خيال الأطفال أيضاً الذين يهمون برسم ملامح امرأة في شكل وردة مع تجاربهم الأولى مع الرسم، و كثيراً ما نبتت الورود من دماء الإنسان، كما انبعث طائر الفينيق من رماده في الأساطير القديمة، و يبدو سرد الخيال في الورد و الرماد قريباً إلى التصور الباشلاري، و تجسيم العالم داخلي ممتلئ بالجمال المنشود عالم منعزل منخلع عن واقع متوتر، فنحن إزاء حلم اليقظة الكوني يحتضن فيه الإنسان ذاته، فتبرز شخصية الفن الصادق الملتزم بإبراز الانفعالات الحسية لدى الفنان، لتمزج بين الحب و الموت تلك النظرة الثابتة حدة و قسوة، و التي تربك عيون الآخرين ومشاعرهم.
عدد المشاهدات: 3684 |
التعليقات: