الرئيسية فن الحروب بين الإبداع و التوثيق |
فن الحروب بين الإبداع و التوثيق
فن الحروب بين الإبداع و التوثيق
ربما يميل البعض إلى لاعتقاد الشائع بأن أزمنة الحروب و الكوارث الكبرى يتراجع فيها دور الفن في مواجهة العنف، بينما لمؤرخي و نقاد الفن رأي مخالف، فيقولون : إن أوقات الكوارث متزامنة مع التطورات و العلامات الكبرى في الفن، و يمكن ملاحظة ذلك عندما أصبح الفنانون أكثر حرية في تسجيل رؤاهم الشخصية بعيداً عن ما تعرضه السلطة الدينية العسكرية.
استعملت الفنون بدايات الإنسانية الأولى لأغراض توثيقية للأحداث الكبرى أو كبديل للكاميرا الفوتوغرافية في العصر الحديث، لكي تبقى العلاقات الوثيقة بين الصراعات و الفن بداية من عصور ما قبل التاريخ.
بدأ الإنسان في تسجيل صراعاته الأولى مع القبائل المجاورة و انتصاراته في الحرب الأولى و صراعاته مع الحيوانات المفترسة ومع قوى الطبيعة من حوله، قبل أن يتمكن من ترويضها و فهمها، نجد كل ذلك مسجلاً بنقوش رسمها على جدران الكهوف في مناسبات مختلفة لأغراض سحرية أو احتفالية بعد الانتصارات، مثل : كهف ماغورافي بلغاريا أو بيمبيتكا في الهند.
و امتدت فكرة توثيق و تسجيل الانتصارات و الحروب و الأحداث الكبرى عن طريق النحت و الرسم على الجدران، و بعد ذلك إلى الفنون الفرعونية و الأشورية ومنها إلى الرومانية، ومنها جدارية معركة قادش و عمود تراجان، و قد استمرت العلاقة التوثيقية بين الفن ة الحروب و الأحداث الكبرى في العصور اللاحقة، ومن أهم اللوحات التي سجلت الملاحم التاريخية لوحة الفنان الفلورشي باولو أوتشو في تصوير معركة سان رومانو و لوحة معركة الاسكندر الأكبر للفنان الألماني و تمثل انتصار الإسكندر الأكبر .
و يمكن اعتبار لوحات غويا التي صور فيها الحرب بين فرنسا و إسبانيا تمهيداً لفك الارتباط بين استعمال الفن كوسيلة توثيقية للكوارث، خاصة بعد الثورة الصناعية الكبرى و ظهور التصوير الفوتوغرافي و استعماله كوسيلة أكثر سرعة و كفاءة في عملية التوثيق بشكل عام.
وكان حدثا الحرب العالمية الأولى و الثانية الأكثر تأثيراً على الفنان للمرة الأولى، حيث أصبح الفنان مبدعاً لعالم مواز لعالم متخم بالكوارث، و ليس مجرد أداة لنقل الأحداث، لذلك أصبح الفن وسيلة للاحتجاج على هذا الخراب الذي يحيطه ووسيلة أيضاً لتجاوز تلك الفظائع و المرور منها، و قد ظهرت تبعاً لها المدرسة الدادئية التي كانت رد فعل للفنانين على الحروب و الدمار.
عدد المشاهدات: 3103 |
التعليقات: