الرئيسية وديع الصافي..قديس الطرب العربي |
وديع الصافي..قديس الطرب العربي
وديع الصافي..قديس الطرب العربي
الليل يا ليلى يعاتبني..و يقول لي سلم على ليلى..
الحب لا تحلو نسائمه..إلا إذا غنى الهوى ليلى..
و كم تغنّى الليل بأنغامك يا صوت الجبل..و في كلماتك هبت نسائم الصباح..تجلي الهم..و تضرب السكون..فيخفق الفؤاد بترانيم الحب و الشجن..
وديع الصافي..سفير الألحان المترفة بالأصالة..
وديع الصافي ( وديع فرنسيس )..مطرب وملحن لبناني، ويعتبر من عمالقة الطرب في لبنان والعالم العربي، كان له الدور الرائد بترسيخ قواعد الغناء اللبناني وفنه، وفي نشر الأغنية اللبنانية في أكثر من بلد، فأصبح مدرسة في الغناء والتلحين، ليس في لبنان فقط، بل في العالم العربي أيضاً، و حمل عدة ألقاب :
(صوت الجبل - الصوت الصافي - قديس الطرب - مطرب الأرز)
ولد وديع فرنسيس 1 / 11 / 1921 في قرية نيحا الشوف، وهو الابن الثاني في ترتيب العائلة المكونة من ثمانية أولاد، كان والده بشارة يوسف جبرائيل فرنسيس، رقيباً في الدرك اللبناني.
عاش وديع الصافي طفولة متواضعة يغلب عليها طابع الفقر والحرمان، و في عام 1930 نزحت عائلته إلى بيروت، ودخل وديع الصافي مدرسة دير المخلص الكاثوليكية، وبعدها بثلاث سنوات، اضطر للتوقّف عن الدراسة، لأن جو الموسيقى هو الذي كان يطغى على حياته من جهة، ولكي يساعد والده من جهة أخرى في إعالة العائلة، تزوج من ملفينا طانيوس فرنسيس، إحدى قريباته، عام 1952، فرزق بدنيا ومرلين وفادي وأنطوان وجورج وميلاد.
كانت انطلاقته الفنية عام 1938، حين فاز بالمرتبة الأولى لحنًا وغناءً وعزفاً، من بين أربعين متبارياً، في مباراة للإذاعة اللبنانية، أيام الانتداب الفرنسي، و ذلك في أغنية "يا مرسل النغم الحنون" للشاعر المجهول آنذاك (الأب نعمة اللّه حبيقة)، وكانت اللجنة الفاحصة مؤلّفة من ميشال خياط، سليم الحلو، ألبير ديب ومحيي الدين سلام، الذين اتفقوا على اختيار اسم "وديع الصافي" كاسم فني له، نظرًا لصفاء صوته، فكانت إذاعة الشرق الأدنى، بمثابة معهد موسيقي تتلّمذ وديع فيه على يد ميشال خياط وسليم الحلو، الذين كان لهما الأثر الكبير في تكوين شخصيّته الفنية.
بدأت مسيرته الفنية بشق طريق للأغنية اللبنانية، التي كانت ترتسم ملامحها مع بعض المحاولات الخجولة قبل الصافي، عن طريق إبراز هويتها وتركيزها على مواضيع لبنانية وحياتية ومعيشية، ولعب الشاعر أسعد السبعلي دورًا مهمًّا في تبلّور الأغنية الصافيّة. فكانت البداية مع "طل الصباح وتكتك العصفور" سنة 1940.
أول لقاء له مع محمد عبد الوهاب كان سنة 1944 حين سافر إلى مصر، و في سنة 1947 سافر مع فرقة فنية إلى البرازيل، حيث أمضى 3 سنوات في الخارج.
بعد عودته من البرازيل، أطلق أغنية «عاللّوما»، فذاع صيته بسبب هذه الأغنية التي صارت تردَّد على كل شفة ولسان، وأصبحت بمثابة التحية التي يلقيها اللبنانيون على بعضهم بعضاً، وكان أول مطرب عربي يغني الكلمة البسيطة وباللهجة اللبنانية بعدما طعّمها بموال «عتابا» الذي أظهر قدراته الفنية.
قال عنه محمد عبد الوهاب عندما سمعه يغني أوائل الخمسينات ( ولو ) المأخوذة من أحد أفلامه السينمائية وكان وديع يومها في ريعان الشباب ( من غير المعقول أن يملك أحد هكذا صوت)، فشكّلت هذه الأغنية علامةً فارقةً في مشواره الفني، وتربع من خلالها على عرش الغناء العربي، فلُقب بصاحب الحنجرة الذهبية، وقيل عنه في مصر أنّه مبتكر «المدرسة الصافية» (نسبة إلى وديع الصافي) في الأغنية الشرقية.
في أواخر الخمسينات بدأ العمل المشترك بين العديد من الموسيقيين من أجل نهضة للأغنية اللبنانية انطلاقاً من أصولها الفولكلورية، من خلال مهرجانات بعلبك التي جمعت وديع الصافي، وفيلمون وهبي، والأخوين رحباني، وزكي ناصيف، ووليد غلمية، وعفيف رضوان، وتوفيق الباشا، وسامي الصيداوي، وغيرهم.
مع بداية الحرب اللبنانية، غادر وديع لبنان إلى مصر سنة 1976، ومن ثمّ إلى بريطانيا، ليستقرّ سنة 1978 في باريس، وكان سفره اعتراضًا على الحرب الدائرة في لبنان، مدافعًا بصوته عن لبنان الفن والثقافة والحضارة. فكان تجدّد إيمان المغتربين بوطنهم لبنان من خلال صوت الصافي وأغانيه الحاملة لبنان وطبيعته وهمومه، إذ غنّى :
لبنان يا قطعة ســـــما..عالأرض تاني ما ألها
لوحات الله راسمها..شطحات احلى من الحلى
عالطامعين محرمها..وللخاشــــــعين محللها
بالسـيف ما بتغلى دما..وللضيف منقول له هلا
لبنان يا قطعة سما..اســـمك على شفافي صلاة
منذ الثمانينات، بدأ الصافي بتأليف الألحان الروحية، نتيجة معاناته من الحرب وويلاتها على الوطن وأبنائه، واقتناعًا منه بأن كلّ أعمال الإنسان لا يتوّجها سوى علاقته باللّه.
سنة 1990، خضع لعملية القلب المفتوح، ولكنه استمر بعدها في عطائه الفني بالتلحين والغناء، و على أبواب الثمانين من عمره لبّى الصافي رغبة المنتج اللبناني ميشال الفترياديس لإحياء حفلات غنائية في لبنان وخارجه، مع المغني خوسيه فرنانديز وكذلك المطربة حنين، فحصد نجاحاً منقطع النظير أعاد وهج الشهرة إلى مشواره الطويل، كما أنه لم يغب يوماً عن برامج المسابقات التلفزيونية الغنائية قلباً وقالباً، فوقف يشجع المواهب الجديدة التي رافقته وهو يغني أشهر أغانيه.
يحمل الصافي ثلاث جنسيات المصرية والفرنسية والبرازيلية، إلى جانب جنسيته اللبنانية، إلا أنه يفتخر بلبنانيته ويردد أن الأيام علمته بأن ما أعز من الولد إلا البلد.
شارك وديع الصافي في العديد من المهرجانات الغنائية و الأفلام السينمائية، و غنّى للعديد من الشعراء، خاصّة أسعد السبعلي، ومارون كرم، وللعديد من الملحنين أشهرهم الأخوان رحباني، زكي ناصيف، فيلمون وهبي، عفيف رضوان، محمد عبد الوهاب، فريد الأطرش، رياض البندك، إلا أنه كان يفضّل أن يلحّن أغانيه بنفسه لأنّه كان الأدرى بصوته، ولأنّه كان يُدخل المواويل في أغانيه، حتّى أصبح مدرسة يُحتذى بها، كما غنّى الآلاف من الأغاني والقصائد، ولحّن منها العدد الكبير.
في عام 1989، أقيم له حفلة تكريم في المعهد العربي في باريس بمناسبة البوبيل الذهبي لانطلاقته وعطاءاته الفنية.
و قد كرّمه أكثر من بلد ومؤسسة وجمعية، وحمل أكثر من وسام استحقاق منها خمسة أوسمة لبنانية نالها أيام كميل شيمعون، فؤاد شهاب، وسليمان فرنجية والياس الهراوي، أما الرئيس اللبناني إميل لحود فقد منحه وسام الأرز برتبة فارس، ومنحته جامعة الروح القدس في الكسليك دكتوراه فخرية في الموسيقى في 30 حزيران 1991، بينما منحه سلطان عمان وسام رفيع المستوى يدعى وسام التكريم من الدرجة الأولى وذلك في عام 2007م، وقد أحيى العديد من الحفلات في شتّى البلدان العربية والأجنبية.
خسرت الأوساط اللبنانية والعربية عملاق الغناء الجبلي، المطرب والملحن وديع الصافي عن عمر يناهز 92 عاماً قضى أكثر من نصفها في الغناء، فتوفي 11 تشرين الأول عام 2013 في أحد مستشفيات لبنان بعد صراع طويل مع المرض.
عدد المشاهدات: 5814 |
ندرة اليازجي
فيروز..نغم الشرق الأبدي
صباح فخري
وديع الصافي..قديس الطرب العربي
التعليقات: