الرئيسية   قوس قزح  النفس

النفس

النفس

في مقالة سابقة تحدثنا عن أهمية الطبل من الناحية الإعلانية في التاريخ والتراث، ومن التعابير الدارجة عن الطبل تقول ((العرس في دوما والطبل والزمر في حرستا)).

لقد شدتني هذه المقولة وهي تختصر الكثير مما يحدث في حياتنا اليوم كأن نهتم بشيء ونبادر عملنا في شيء آخر، وأحياناً يزداد الفصام فينا لدرجة أن نقول شيء ونفعل نقيضه وهذه من سلسلة الأمراض النفسية التي تصاب بها البشرية عموماً.

ولأنني أتحدث عن النفس أخذتني رواية جميلة فيها عبقاً صوفياً خالصاً حيث تحدث بطل القصة عن مدارج النفس في الوصول إلى الله:

" الطور الأول هو النفس الأمارة وهو أشد الأطوار بدائية وانتشاراً في الوجود/ عندما تقع الروح في شرك المساعي الدنيوية".

ويبقى معظم الناس في هذا الطور يجاهدون ويعانون في العمل  لأنهم منهمكون في خدمة ذواتهم الوضيعة لكنهم يحملون الآخرين على الدوام مسؤولية شقائهم المستمر.

وعندما يدرك المرء الحالة التي وصل إليها من انحطاط الروح، يبدأ في جهاد النفس حتى ينتقل إلى الطور التالي الذي هو عكس الطور الأول بدلاً من أن يلقي اللائمة على الآخرين دائماً، يبدأ المرء الذي بلغ هذا الطور بنفسه ويصل أحياناً إلى درجة محو الذات وهنا تصبح النفس اللوامة وبذلك يبدأ مرحلة نحو النقاء الداخلي.

وفي الطور الثالث يزداد المرء نضجاً وتنتقل النفس لتصبح النفس الملهمة وفي هذا الطور فقط وليس مثله يتمكن المرء من معرفة المعنى الحقيقي لكلمة "الخضوع" ويبدأ الطوف في وادي المعارف والمرء الذي يبلغ هذه المرحلة يمتلك الصبر والمثابرة والحكمة والتواضع ويبدو العالم جديداً مليئاً بالإلهام.

يبدو أن معظم الذين يبلغون المقام الثالث هذا يرغبون في البقاء ويفقدون الرغبة في الانتقال أو الشجاعة للانتقال إلى الأطوار الأخرى، لذلك مع أن الطور الثالث يبدو جميلاً ومباركاً فإنه بمثابة شرك للشخص الذي يتطلع إلى درجة أعلى.

أما الذين يتمكنون من المضي قدماً فهم يبلغون وادي الحكمة ويعرفون النفس المطمئنة وهنا يختلف إحساس النفس عما كانت عليه لأنها ترتقي إلى درجة أعلى من الوعي.

ومن الصفات التي تلازم الذين بلغوا هذا الطور: الكرم والشعور الدائم بالرضا، ثم يأتي وادي الوحدة ويشعر المرء الذي يبلغ هذا المقام بالرضا مهما كان الوضع الذي يضعه الله فيه فلا تهمه الأمور الدنيوية لأنه بلغ النفس الراضية.

ثم تأتي النفس المرضية حيث يصبح المرء مشكاة للإنسانية، يبث الطاقة في كل من يطلبها ويعلم وينور مثل أستاذ حقيقي وأخيراً يأتي الطور السابع حيث يبلغ المرء النفس النقية ويصبح (الإنسان الكامل).

ولكن علينا الحذر في مدارج التطور الروحي والجهاد النفسي فكثيراً من يسقط من درجة أعلى إلى الدرجة الأولى وهذه مشكلة الإنسان الباحث عن الكمال بعيداً عن الزيف والحماقة والرياء، ما أحوجنا إلى معرفة أنفسنا فكل ما حولنا فينا.

ولأننا لسنا من دعاة الصوفية والتصويف بل نجد أنفسنا مدعوين إلى اختراق المعاش واليوم ندعو للعقلنة والتنوير وبالتالي نحن أقرب إلى مفهوم الفارابي بالتصوف العقلي فالعقل هو ميزان الإنسان وهو الكاشف للحقائق وللمعادن الأصلية فينا وحولنا رغم زيف المحيط من حولنا والأنانية المستشرية فينا.

هي دعوة للحب وللعقل ولنركب قطار حياتنا على سكتين متوازيتين بين العقل والحب وبين العاطفة والعقل.

فلا تحرك قطارنا اليوم بين محطتين إلا بتوازي مسار العقل والعاطفة وبالتالي يصبح عرسنا وعزفنا في وحدة دائماً.

أتمنى لكم عدم التناقض بما تفكرون وبما تعملون وأن نبني أنفسنا وأوطاننا على الحب والعقل.

ميلاز مقدار



عدد المشاهدات: 9435

قوس قزح

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2017-02-27

قوس قزح

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2017-03-06

قوس قزح

 
 0 تعليق, بتاريخ: 2017-02-01



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى