الرئيسية   الجريمة الإعلامية(الجزء الأول)

الجريمة الإعلامية(الجزء الأول)

الجريمة الإعلامية

                                                وقانون الإعلام السوري

                                                                                                الجزء الأول

 

عُرف الإعلام منذ زمن قديم ولو أنه كان منتشراً بغير اسم أو شكل غير ما نعرفه ونطلق عليه اسم (إعلام)، فالإشاعات قديماً وحديثاً على سبيل المثال هي نوع من المعلومات (الإعلام) التي كانت تنتشر بين الناس سواء كانت غايتها سلبية أو إيجابية، وقد ساهمت هذه المعلومات (الإشاعات) بتغيّر تسبب بشرارة حرب أو معاهدة صلح أو استسلام وبرز الإعلام في العصر الجاهلي فمثلاً كان الشعر أفضل وسيلة إعلامية بين القبائل العربية آنذاك.

وهذا ما نراه في الأسواق القديمة كسوق عكاظ، ثم أخذ هذا الإعلام يتطور حتى وصل إلى عصرنا الحالي إلى وسائل إعلامية متطورة بدأت بالصحف ثم الراديو مروراً بالتلفاز إلى الانترنت والبث الفضائي.

ولما كان للإعلام دور ريادي في المجتمع وتأثيره على الأفراد فإن هذا الإعلام أخذ يميل عن جادة الصواب، فبدلاً من أن يكون الإعلام رسالة إنسانية راقية مستقلة أخذ يتبنى إيديولوجيات ومسارات مصلحية تخدم أصحابها، وبلغ هذا الإعلام السيء أن يتطور حتى أصبح مجرماً مرتكباً للجرائم الإعلامية وهذا ما دعى بعض الحقوقيين في العالم الاهتمام بالجريمة الإعلامية وتعريفها للناس والمجتمع، لكن الحق يقال بأن الإعلام  لا يخلو من شرف ونقي وصدق واضح والمتمثل ببعض الوسائل الإعلامية الشريفة الغير متحيزة تجاه هذه الفكرة أو تلك، فنحن بأمس الحاجة لمفاهيم إعلامية قانونية واضحة لتكون منهجاً واضحاً في تقديم أي مادة إعلامية.

إن كل ما ينشر في وسيلة إعلامية من نص أو رسم أو إشارة أو صورة فوتوغرافية أو صوت أو صورة متحركة منفردة أو مجتمعة يطلق عليه تسمية (المحتوى الإعلامي) بينما الوسيلة الإعلامية هي كل واسطة إعلامية تصور باسم معين وتقوم بانتاج أو نقل أو نشر أو بث المحتوى الإعلامي للجمهور سواء كانت مطبوعة أو مسموعة أو بصرية أو الكترونية.

والجريمة الإعلامية بالتعريف هي كل ما ينشر في وسيلة إعلامية مطبوعة أو مسموعة أو بصرية أو الكترونية من نص أو رسم أو إشارة أو صورة أو صوت يجرمها القانون فيرد عليها بعقوبة أو تدبير.

ومن أبرز أشكال الجريمة الإعلامية:

  1. الذم: وهو نسبة أمر إلى شخص ولو لمعرض الشك أو الاستفهام ينال من شرفه أو كرامته وقانون العقوبات السوري في المادة /375/ الفقرة الأولى تضمن تعريف الذم والتحقير بكل تعبير علني ينسب فيه الجاني إلى المجني عليه أمراً محدداً من شأنه لو كان صادقاً أن يؤدي إلى عقاب المجني عليه أو احتقاره كأن ينسب الجاني إلى المجني عليه سرقة أو اختلاس أو رشوة أو أن الرئيس الأجنبي زعيم عصابة تهريب أو مخدرات.
  2. القدح: هو كل لفظ ازدراء وكل تعبير أو رسم علني يعزو فيه الجاني إلى المجني عليه عيباً أو صفة مهينة دون أن يربط ذلك بواقعة معينة كأن يقول شخص عن رئيس دولة أجنبية أنه ماجن أو إلى وزير أنه فاسق والقدح يشترط فيه العلانية وهذا ما نصت عليه المادة /375/ قانون عقوبات السوري فقرة (ب).
  3. التحقير: هو النيل من الاحترام الذي يحق للمجنى عليه أن يتمتع به في المجتمع والقول بوجوده أو عدم وجوده، يدخل في نطاق السلطة التقديرية لقاضي الموضوع الذي يأخذ باعتباره ظروف المجني عليه ومركزه الاجتماعي ووضعه الوظيفي أو العائلي، ونص القانون العربي السوري في المادة /373/ على التحقير بالكلام والحركات أو التهديد الذي يوجه إلى الموظف أثناء تأدية وظيفته أو في معرض قيامه بها.
  4. إذاعة أخبار وأنباء كاذبة: نصت المادة /65/ من قانون المطبوعات السوري بمعاقبة نقل الأخبار غير الصحيحة أو نشر الأوراق المختلفة أو المزوّرة المنسوبة كذباً إلى الغير إذا كان هذا النشر أو النقل قد تم عن سوء نية وسبب إقلاقاً للراحة العامة ونال من هيبة الدولة وكرامتها وألحق ضرراً باقتصاد البلاد أو مس بالنظام العام ومعنويات الجيش والقوى المسلحة، والأنباء الكاذبة حسب قانون المطبوعات السوري هي جميع الأخبار والبيانات والإشاعات والمعلومات التي لا حقيقة لها أصلاً والتي طرأ عليها التحريف فطمس معالم الحقيقة فيها فإذا كان صاحب النبأ قد اختلق واقعة من الوقائع أو شوه هذه الواقعة كلها أو جزءاً منها أو حرفها بإضافة زوائد إليها أو باقتطاع بعضها أو إسناد فعل أو قول إلى شخص دون أن يصدر عنه أو ردد إشاعة متواترة على أنها حدثت وهي لا صحة لها فهو كاذب ونبأه كاذب وليس يشترط من أجل العقاب أن يكون الفاعل هو وحده مصدر الكذب في نقل النبأ المروي فقد يكون الاختراع أو التلفيق ويقع على كاهل الإدعاء عبء إثبات كذب الخبر المنقول بجميع طرق الإثبات ومنها القرائن ولمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في التقدير لصحة الخبر أو كذبه أو كونه مروياً على حقيقته أو مبالغاً فيه.
  5. إبداء الرأي والمحاباة والتعليق: الأصل أن الإعلامي يجب أن يكون حيادياً في القضايا التي يتعرض لها فلا يأخذ ما يخدم مصلحته ويترك ما دون ذلك فمثلاً عندما تكون هناك قضية مثارة على وسيلة إعلامية ما وهناك ضيفان للتعليق على الموضوع المثار فالإعلامي الحيادي يجب أن يعطي الوقت نفسه لكل ضيف سواء كان هذا الضيف موافق للقضية المطروحة أو معارض لها، كذلك عندما تكون الأنباء صحيحة لا يجب على الإعلامي أن يضفي عليها من خياله أو يضفي ألواناً من التهويل بحيث تطمس حقيقتها وصحتها فلا يتلقاها الناس سوى على تلك الصورة المصطنعة المفبركة، فالإعلامي يجب أن يتوخى الحياد في القضية المثارة لأنه يؤثر في الرأي العام وهذا ما استدعى الحيادية في تقديم أي مادة إعلامية، ونذكر هنا أن هيئة الإذاعة البريطانية BBC رفضت بث مناشدة إنسانية لصالح قطاع غزة بعد الهجوم الإسرائيلي عليه، وقد وجه هذا النداء من قبل لجنة الطوارئ الخاصة بالكوارث وكان هذا النداء إنسانياً بحتاً ولم يتضمن أي إشارة سياسية بل لأغراض مدنية وغايات إنسانية طارئة وهنا نلاحظ التحيّز السافر من قبل هيئة الإذاعة البريطانية ( BBC) للكبان الصهيوني حيث تذرعت الهيئة وقتها أن نشر مثل هكذا مناشدات عبر أثيرها سيقّوض مبدأ الحياد الإعلامي.

غسان الشحادة



عدد المشاهدات: 10110



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى