الرئيسية   أعمال التجارة البحرية

أعمال التجارة البحرية

   

أعمال التجارة البحرية

 

 

تعتبر أعمال التجارة البحرية من أهم الأعمال والأنشطة التي لاقت اهتماماً في قانون التجارة ونصوص مواده بحيث عمل على تنظيمها والطرق القانونية الواجب التقيد بها ولعلنا بعجالة نستطرد تباعاً التعريف بالأعمال التجارية البحرية وكل ما يتعلق بها من مشاريع إنشاء سفن بحرية وبيعها وشرائها والإرساليات الخاصة بها والعقود والقرض البحري وطريق الملاحة البحرية، حيث تعد من الأعمال التجارية البحرية:

  1. كل مشروع لإنشاء أو شراء بواخر معدة للملاحة الداخلية أو الخارجية بقصد استثمارها تجارياً أو بيعها، وكل بيع للبواخر المشتراة على هذا الوجه.
  2. جميع الإرساليات البحرية وكل عملية تتعلق بها كشراء أو بيع لوازمها من حبال وأشرعة ومؤن.
  3. إجازة السفن أو التزام النقل عليها والإقراض والاستقراض الجزافي.
  4. وسائر العقود المختصة بالتجارة البحرية كالاتفاقات والمقاولات على أجور البحارة وبدل خدمتهم واستخدامهم للعمل على بواخر تجارية.

يشتمل هذا النص على تعداد للأعمال التجارية البحرية، ولكن هذا التعداد قد ورد فيه على سبيل المثال لا على سبيل الحصر إذ تشير الفقرة الرابعة منه إلى (سائر العقود المختصة بالتجارة البحرية) وقد تكون أعمال التجارة البحرية المشار إليها أعمالاً تجارية بطبيعتها أو أعمالاً تجارية بالتبعية كما هو الشأن في أعمال التجارة البرية.

نتناول فيما يلي بالبحث أعمال التجارة البحرية وفقاً للخطة المتبعة في النص:

أولاً: مشروع إنشاء السفن:

يعتبر القانون إنشاء السفن المعدة للملاحة عملاً تجارياً إذا ورد بشكل مشروع، أما إذا جاء كعمل منفرد فتكون له الصفة المدنية، وإنشاء السفن يتم في العمل من قبل شركة أو مؤسسة تقوم به على وجه منتظم دائم أي بطريق المشروع، وتكون لهذا المشروع الصفة التجارية سواء قد صاحبه المواد اللازمة لهذا الغرض أم اقتصر على تقديم اليد العاملة فقط، وساء كانت السفن معدة للملاحة البحرية أم قاصرة على الملاحة الداخلية.

ويعتبر مشروع إنشاء السفن تجارياً بالنسبة للشخص القائم به، أما بالنسبة للشخص الذي يتعاقد مع صاحب المشروع لبناء سفينة له فيكون العقد تجارياً إذا اختص بسفينة معدة للاستثمار التجاري أما إذا اختص بسفينة معدة للنزهة أو الصيد مثلاً فتكون له الصفة المدنية لانتفاء قصد المضاربة وتحقيق الربح في ملاحة النزهة ولكون الصيد من قبيل الصناعة الاستراتيجية التي لها طابع مدني، ويعتبر هذا  العقد في هذا الفرض الأخير عملاً مختلطاً لكونه تجارياً بالنسبة لباني السفينة ومدنياً بالنسبة للعمل المتعاقد على إنشائها.

ثانياً: شراء وبيع السفن:

بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 7 من قانون التجارة يعتبر عملاً تجارياً كل شراء لسفن معدة للملاحة الداخلية أو الخارجية بقصد استثمارها تجارياً أو بيعها، وكل بيع للسفن المشتراة على هذا الوجه.

فشراء السفينة بقصد بيعها أو استثمارها في نقل الأشخاص أو البضائع يعتبر عملاً تجارياً لأنه شراء لأجل البيع أو التأجير مع تحقيق الربح، وهذا عمل تجاري بطبيعته (المادة 6 فقرة 1 تجارة)، وإذا تم الشراء بقصد استعمال السفينة من المشتري التاجر في نقل بضائعه فيعتبر عملاً تجارياً بالتبعية، أما إذا تم في سبيل استعمال السفينة من أجل النزهة أو الصيد فيحتفظ العمل عندئذ بالصفة المدنية للأسباب التي تقدم ذكرها.

ويكون بيع السفينة إذا عملاً تجارياً بالنسبة للبائع إذا سبق له أن اشتراها بقصد بيعها أو استثمارها تجارياً، أما إذا انتفى سبق الشراء أو قصد البيع أو الاستثمار التجاري وقت الشراء فيعد بيع السفينة مجرد عمل مدني، كبيع السفينة من قبل شخص قد ورثها، أو بيعها من قبل شخص قد اشتراها لأجل النزهة، ويدق الأمر بشأن بيع السفينة التي سبق شراؤها بقصد الاستغلال التجاري وقد أصبحت بعد فترة من الزمن غير صالحة للملاحة، ذلك لأنه بعد إعلان عدم صلاحية السفينة للملاحة تنتهي حياتها فلا يعتبر البيع وارداً عندئذ على سفينة ولا يشكل بالتالي عملاً تجارياً بطبيعته، غير أنه يجوز اعتبار البيع في هذه الحالة عملاً تجارياً بالتبعية إذا كان البائع يزاول أعمال التجارة البحرية على وجه الاحتراف.

ثالثاً: الإرساليات البحرية:

تنص الفقرة /2/ من المادة /7/ من قانون التجارة على أنه تعتبر أعمالاً تجارية بحرية (جميع الإرساليات البحرية وكل عملية تتعلق بها كشراء أو بيع لوازمها من حبال وأشرعة ومؤن).

والإرسالية أو الرسالة البحرية: هي الرحلة التي تقوم بها السفينة بقصد الاستغلال سواء بنقل البضائع أم الأشخاص، ونظراً لشمول النص جميع الإرساليات البحرية فقد اعتبرت تجارية الرسائل البحرية الرامية إلى الصيد أو إلى أي غرض مادي آخر كقطر السفن ومد الأسلاك تحت الماء والكشف العلمي والسياحة، وبرأينا الإرسالية البحرية لا تعتبر عملاً تجارياً إلا إذا كان الغرض منها المضاربة وتحقيق الربح، كما يستفاد من نص المادة /7/ تجارة الذي لا يسبغ الطابع التجاري إلا على الإرسالية البحرية المتعلقة بالتجارة.

ويعتبر عملاً تجارياً أيضاً كل عمل تقتضيه الإرسالية البحرية من شراء أو بيع المهمات كالحبال والأشرعة والزوارق والأدوات، والآلات التي تعد جزءاً من السفينة كالرافعات والمضخات وما نحوها، وكذلك المؤن من وقود وزيوت ومأكولات وغيرها، وقد اعتبر النص بيع هذه اللوازم والمعدات تجارياً ولو لم يسبقه شراء، كبيع المزارع محصولاته لأجل تموين السفينة بالمأكولات اللازمة، العمل الذي يدخل عادة في نطاق مشروع التوريد.

رابعاً: إجارة السفن والتزام النقل عليها:

وتعتبر المادة /7/ فقرة /3/ تجارة عملاً تجارياً (إجارة السفن  أو التزام النقل عليها) ويشمل هذا النص تأجير السفينة أو بعضها إلى الغير والنقل البحري للبضائع والركاب، ويعتبر هذا التأجير أو النقل عملاً تجارياً بالنسبة للمؤجر أو الناقل ولو لم يرد في نطاق مشروع منظم وذلك على خلاف ما هو عليه الشأن في النقل البري الذي يشترط فيه المشروع كما رأينا، كما يعتبر استئجار السفينة لنقل الركاب أو البضائع عملاً تجارياً بالتبعية بالنسبة للمستأجر إذا كان قد أبرمه لحاجات تجارته، وإلا كان عملاً مدنياً بالنسبة له، وكذلك يعتبر مدنياً نقل الركاب بالنسبة للراكب إلا  إذا كان تاجراً وتعلق السفر بتجارته إذ يعتبر عندئذ عملاً تجارياً بالتبعية.

خامساً: القرض البحري:

وبمقتضى المادة /7/ فقرة /3/ تجارة يعتبر عملاً تجارياً أيضاً (الإقراض او الاستقراض الجزافي) والقرض البحري أو قرض المخاطرة الجسيمة: قرض يعقد بضمان السفينة أو الحمولة ولا يكون قابلاً للرد إذا هلكت الأشياء الضامنة في حادثة بحرية، بينما يرد مع الفائدة المتفق عليها ولو زاد معدلها على الحد القانوني إذا وصلت هذه الأشياء سالمة (المادة 282 بحري) ويعتبر عقد القرض البحري تجارياً بالنسبة لطرفيه المقرض والمقترض، ويلاحظ أن هذا القرض قد فقد أهميته العملية في الوقت الحاضر.

سادساً: استخدام الملاحين في السفن التجارية:

وتنص المادة /7/ فقرة /4/ تجارة على أن الاتفاقات والمقاولات على أجور البحارة وبدل خدمتهم واستخدامهم للعمل على بواخر تجارية تعتبر أعمالاً تجارية بحرية، فيكون عقد العمل بين المجهز والملاح إذاً عملاً تجارياً بالنسبة  للأول إذا كانت السفينة تجارية وذلك تطبيقاً لمبدأ التجارية بالتبعية، أما بالنسبة للملاح فيعتبر العقد مدنياً طبقاً للقواعد العامة التي تقضي بمدينة عقد العمل بالنسبة للعامل، وهذا على خلاف ما ذهب إليه الفقه والقضاء في فرنسا اللذان يعتبران عقد العمل تجارياً أيضاً بالنسبة للملاح بالاستناد إلى عرف قديم.

سابعاً: الضمان البحري:

وتنص المادة /7/ فقرة /4/ من قانون التجارة أخيراً على أنه تعتبر أعمالاً تجارية (سائر العقود المختصة بالتجارة البحرية) ويندرج في عداد هذه العقود عقد الضمان البحري.

فلاشك أن الضمان البحري يعتبر عملاً تجارياً إذا كان ذا أقساط محددة لتوافر قصد المضاربة وتحقيق الربح، وهو يعتبر تجارياً ولو حصل بصورة منفردة لا بشكل مشروع كما هو الشأن في الضمان البري (المادة /6/ فقرة /9/ تجارة).

أما الضمان المتبادل فلا يعتبر عملاً تجارياً لانتفاء قصد المضاربة فيه، كما هو الحال في الضمان المتبادل البري الذي لا يعتبر تجارياً حتى إذا ورد بشكل مشروع كما قدمنا.

ويكون الضمان ذو الأقساط المحددة تجارياً بالنسبة للضامن الذي يستهدف منه تحقيق الربح، أما بالنسبة للمضمون فلا يعد تجارياً إلا إذا كان هذا الأخير تاجراً أو كان الضمان تابعاً لعمل تجاري يقوم به وذلك تطبيقاً لمبدأ التجارية بالتبعية.

 

 

 

 



عدد المشاهدات: 22785



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى