الرئيسية   أنواع التحكيم الجزء الثاني

أنواع التحكيم الجزء الثاني

أنواع التحكيم

                                                الجزء الثاني

2-التحكيم في الخلافات الناشئة عن العلاقات الزراعية:

إن التحكيم في الخلافات الناشئة عن العلاقات الزراعية هو نوع من التحكيم الاختياري أصبغ عليه المشرع طابعاً خاصاً، وذلك بما يتلاءم مع وضع أطراف النزاع وطبيعة العلاقة القائمة فيما بينهم، ومع النظام الاجتماعي الناظم لهذه العلاقة.

وقد نظمه المشرع في الفصل الأول من الباب الرابع من قانون العلاقات الزراعية الصادر بالقرار بقانون رقم 134 لعام 1958 وتعديلاته.

ونبين فيما يلي الخصائص التي يتميز بها هذا النوع من التحكيم الاختياري.

أطراف النزاع الذين يحق لهم اللجوء إلى التحكيم:

ينحصر حق اللجوء إلى هذا النوع من التحكيم بأرباب العمل الزراعيين والعمال الزراعيين، وبشأن الخلافات التي تنشأ فيما بينهم فقط والمتعلقة بالشؤون الزراعية دون غيرها.

المحكمون:

يلاحظ في التحكيم الزراعي بأن المشرع قد فرض على كل من مكاتب نقابات أرباب العمل ومكاتب نقابات العمال في كل ناحية أن ينتخبوا محكمين عنهم حيث يصدر رئيس المنطقة الإداري قراراً باعتمادهم لمدة سنة (المادة 218/آ علاقات زراعية).

واشترط أن لا يكون سن المحكم دون الإحدى وعشرين عاماً، وأن يجيد القراءة والكتابة باللغة العربية (م218/ب علاقات زراعية9 وقد أحسن المشرع بهذا الشرط عملاً.

كما يجب أن تكون الهيئة التحكيمية في الخلافات الزراعية مؤلفة من ثلاثة أشخاص بحيث يمثل أحدهم العمال والثاني أرباب العمل، والاثنين يختاران الثالث من أصحاب الخبرة في المنطقة، وهذا الحكم الثالث يتولى رئاسة اللجنة (م218/جـــ علاقات زراعية)، على أن يسمي كل من طرفي الخلاف ممثله في اللجنة التحكيمية من بين المحكمين المنتخبين (218/د علاقات زراعية)، وإذا لم يكن هناك نقابات للعمال وأخرى لأرباب العمل في المنطقة يتم اختيار المحكمين من أصحاب الخبرة دون التقيد بقائمة الخبراء المعتمدين (م218/هــــ علاقات زراعية).

وتنحصر اختصاصات الهيئة التحكيمية هذه بالمصالحة أو التحكيم في جميع الخلافات الفردية والجماعية التي تنشأ بين العمال وأرباب العمل حول علاقاتهم المهنية، عدا الأمور المتعلقة بتعويضات الطوارئ (م219 علاقات زراعية).

ويعين لهذه الهيئة كاتب ضبط من بين الموظفين يتولى فيها أعمال الكتابة وتنظيم الضبوط وإجراء التبليغات (م 220 علاقات زراعية).

وقد أوجب المشرع في هذا النوع من التحكيم على المحكمين وكتاب الضبط أيضاً، أن يقسموا يميناً أمام قاضي الصلح في المنطقة بأن يقوموا بأعباء مهمتهم بأمانة وتجرد (م 221 علاقات زراعية).

إجراءات تسمية المحكمين:

يقدم الشاكي استدعاء الخلاف إلى رئيس السلطة الإدارية التي يتبعها مركز العمل الذي نشأ فيه الخلاف ويسمي في هذا الاستدعاء محكمه.

يطلب رئيس السلطة الإدارية من الفريق الآخر في الخلاف تسمية محكمه في اللجنة خلال ثلاثة أيام التي تلي تاريخ تبلغه، كما يدعو ممثلي الفريقين لانتخاب الحكم الثالث ثم يتولى (الحكم الثالث) رئاسة اللجنة وذلك خلال ثلاثة أيام، ثم يكلف أعضاء اللجنة الثلاث للاجتماع في المكان الذي يحدده (رئيس السلطة الإدارية) لهم، للنظر في الخلاف وإعطاء القرار خلال مدة تحدده (اللجنة التحكيمية) حسب أهمية الخلاف، ويجوز تمديد هذه المدة مرة واحدة بناء على طلب رئيس اللجنة.

إذا لم يسمّ الفريق الآخر ممثله خلال المدة المحددة أعلاه وإذا لم يتفق ممثلا الفريقين على محكم ثالث، يحيل رئيس السلطة الإدارية ملف الخلاف برمته مباشرة إلى لجنة تحديد الأجور في المحافظة لتنظر فيه بداية (م222 علاقات زراعية).

وأما بالنسبة لحالات تنحي المحكم بعد قبوله المهمة، أو هزله أو ردّه أو موت أحد الخصوم فإنها تنطبق عليها القواعد العامة للتحكيم ذاتها والتي سبق ذكرها (م 233و 234 و235 علاقات زراعية).

الإجراءات أمام المحكمين:

إن الإجراءات الواجب اتباعها أمام المحكمين الزراعيين هي نفسها الإجراءات المتبعة أمام المحاكم، حيث لم يرد نص على ذلك في قانون العلاقات الزراعية.

ومع ذلك فإنه يتعين على اللجنة التحكيمية عند بدء النظر في الخلاف أن تدعو الفريقين المتنازعين إلى المصالحة، فإذا تم ذلك سجل في محضر الضبط، ويكون قرار اللجنة الصادر بالتصديق على المصالحة غير قابل لأي طريق من طرق الطعن (م225/آ علاقات زراعية).

أما إذا لم تتم المصالحة فإن اللجنة التحكيمية في هذه الحال تنظر في الخلاف، وتستمع إلى كل من المتنازعين وشهودهم، وتطلع على جميع الوثائق المتعلقة بموضوع الخلاف، وذلك قبل إصدار قرارها، وتستند اللجنة في قراراتها الصادرة بهذا الشأن إلى شروط العقد، وأحكام القانون، والعرف السائد في المنطقة وقواعد العدالة (م 225/ب علاقات زراعية).

ويتعين على المحكمين أن يتولوا إجراءات التحقيق مجتمعين ويوقع كل منهم على المحاضر ما لم يكونوا قد أنابوا واحداً منهم لإجراء معين وأثبتوا الإنابة على محضر الجلسة (م 236 علاقات زراعية).

كما يتعين عليهم الرجوع إلى قاضي الصلح لإجراء ما يأتي:

  • الحكم بالجزاء على من تخلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عن الإجابة.
  • اتخاذ القرارات بالإنابات القضائية (م 237 علاقات زراعية).

وفي كل الأحوال تطبق على أحكام المحكمين في القضايا الزراعية القواعد الخاصة بالنفاذ المعجل (م 238 علاقات زراعية).

هذا وخلافاً للمبدأ العام الذي أشرنا إليه في بحثنا عن التحكيم المتعلق بالنزاعات العامة والذي يتعلق بعدم جواز اتخاذ الإجراءات التحفظية من قبل المحكمين، فقد أولى المشرع لرئيس لجنة التحكيم في الخلافات الزراعية التي ينشأ عنها ضرر أو تلف في المزروعات أو الأشجار السلطة في أن يتخذ قراراً مؤقتاً- لقاء كفالة عند الاقتضاء- بالتدابير التي يراها لضمان أو تلافي هذه الأضرار وفقاً للشروط التالية:

  • أن يكون النزاع الأصلي قائماً أمام اللجنة
  • ألا يمس القرار المؤقت أساس النزاع
  • أن يكون الضرر أو التلف المدعى به محتمل الوقوع قبل موعد اجتماع اللجنة.

وعلى أن يعرض القرار المتخذ من قبل الرئيس على اللجنة لتثبيته أو فسخه بمواجهة الطرفين وخلال اسبوع من اتخاذه، ومع ذلك فإن القرارات المؤقتة التي تصدر في هذه الحال تقع قابلة للاستئناف أمام لجنة تحديد الأجور، وذلك حسب القواعد الخاصة المفروضة للطعن بهذه الأحكام حسب ما سوف يتقدم (م 242 علاقات زراعية).

إصدار القرارات وميعاد ذلك:

يصدر المحكمون في الخلافات الزراعية قرارهم النهائي خلال المدة التي يحددونها لأنفسهم بحسب أهمية الخلاف (خروجاً عن المألوف في التحكيم حيث يتم تحديد المدة من قبل الخصوم، وإلا يجب إصدار الحكم في غضون ثلاثة أشهر من قبول المحكمين للمهمة)، ويجوز تمديد هذه المدة مرة واحدة بناء على طلب رئيس اللجنة ( م222/ب علاقات زراعية).

ويجب أن يصدر القرار عنهم بالأكثرية أو بالإجماع دون التقيد بقواعد الأصول، ويبلغ الفريقين المتنازعين وتعتبر قرارات اللجنة الغيابية بمثابة الوجاهية إذا غاب أحد الخصوم ووكيله وبُلّغ دعوة جديدة من قبل اللجنة فلم يحضر (م226/أوب علاقات زراعية).

ولابد من الإشارة هنا إلى أنه يجب أن يكون القرار النهائي الصادر عن اللجنة التحكيمية مستوفياً لكافة الشروط القانونية اللازمة للأحكام.

الطعن:

إن جميع قرارات اللجنة الصادرة بالتحكيم (حتى لو كانت صادرة بإجراء من إجراءات التحقيق) تكون قابلة للاستئناف أمام لجنة تحديد الأجور في المحافظة خلال خمسة أيام من تاريخ صدور القرار الوجاهي، ومن تاريخ التبليغ في القرار الغيابي بمثابة الوجاهي (م226/جــــ علاقات زراعية).

وعلى لجنة تحديد الأجور أن تصدر قرارها في موضوع الطعن خلال شهر على الأكثر من تاريخ أو جلسات تعقدها بعد إتمام إجراءات التبليغ للطرفين أصولاً (م228/1 علاقات زراعية) ويصدر قرارها بهذا الصدد قطعياً وغير قابل لأي طريق من طرق النقض (م228/3 علاقات زراعية).

إكساء حكم المحكمين صيغة التنفيذ:

إذا انقضت المهلة القانونية ولم يستأنف أحد الفريقين قرار اللجنة التحكيمية إلى المراجع المشار إليها فيما تقدم، يحق لصاحب العلاقة أن يتقدن بطلب إكساء قرار المحكمين صيغة التنفيذ غلى قاضي الصلح في المنطقة، ويكسى من قبله في غرفة المذاكرة (خلافاً للمألوف في التحكيم بالنزاعات العامة) (م232/آ علاقات زراعية).

أما إذا طعن استئنافاً بحكم اللجنة التحكيمية أمام لجنة تحديد الأجور فإن قرار لجنة الطعن هذه يخضع لإكسائه صيغة التنفيذ أيضاً، ولكن أمام المحكمة البدائية في المحافظة حسب ما يفهم من المادة 232/ب من قانون العلاقات الزراعية وبلاغ وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رقم ب-1-5220 بدون تاريخ.

نفقات المحكمين:

تقتطع نفقات المحكمين وتعويضاتهم من السلفة التي يدفعها الشاكي عند تقديم شكواه حسبما تقدرها له السلطة الإدارية (م239 علاقات زراعية)، وتقدر النفقات (هذه التعويضات) للمحكمين من قبل مجلس إدارة المنطقة، على أن لا يتجاوز حداً أقصى تعينه في كل سنة وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل (م240/آ علاقات زراعية)، ويتحمل الفريق الخاسر جميع النفقات ما عدا النفقات التي لا تفيد الدعوى ( م240/ب علاقات زراعية).

ب-التحكيم الإجباري:

التحكيم الإجباري هو الذي يلجأ الخصوم إليه رغماً عن إرادتهم في حالة ليس لهم الخيار بهذا الشأن وذلك تطبيقاً لنص في القانون، وهذا النوع من التحكيم يعتبر استثناء من القاعدة العامة الأساسية التي تنص على حرية الخصوم في اللجوء إلى مثل هذا القضاء لفض نزاعاتهم.

ويتجسد التحكيم الإجباري في القضايا التالية:

  1. قضايا التفريق للشقاق الناتجة عن الخلافات الزوجية إعمالاً لنصوص قانون الأحوال الشخصية.
  2. قضايا الاعتراض على قرارات اللجان البدائية بصدد تقدير قيمة العقارات المستملكة والمنصوص عنها في قانون الاستملاك.
  3. قضايا الاعتراض على قرارات اللجان البدائية بصدد تقدير قيمة مقابل التحسين الذي يطرأ على العقارات بسبب أعمال المنفعة العامة.
  4. قضايا الاعتراض على قرارات اللجان البدائية المنصوص عنها بقانون تقسيم، وتنظيم وعمران المدن.

وسنوضح لاحقاً موجز عن التحكيم في كل من القضايا المتقدمة.

 

المحامي

موسى سامي خليل



عدد المشاهدات: 8397



إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي موقع المؤسسة العربية للإعلان الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها



التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد:
تعليقك:
يرجى ادخال رمز التحقق (حالة الاحرف غير مهمة فيما اذا كانت احرف صغيرة أو كبيرة) وبعد الانتهاء انقر خارج مربع ادخال الكود للتاكد من صحته :
 [تحديث]






للأعلى